ومعني: ﴿لَا يَمْلِكُونَ مِنْهُ خِطَابًا﴾ قال مقاتل: يقول: لا يقدر الخلق على أن يكلموا الرب إلا بإذنه (١).
وهذا كقوله: ﴿لَا تَكَلَّمُ نَفْسٌ إِلَّا بِإِذْنِهِ﴾ [هود: ١٠٥]. وهذا كقوله: عام في كل أحد إلا من استثني في قوله: ﴿لَا تَكَلَّمُ نَفْسٌ إِلَّا بِإِذْنِهِ﴾ [هود: ١٠٥]) (٢).
وقال عطاء عن ابن عباس: يريد: لا يخاطب المشركون، والمؤمنون يشفعون ويخاطبون، فيقبل الله ذلك منهم (٣)، وهذا يوجب أن قوله: (لا يملكون منه خطاباً) للكفار (٤).
ومعنى: (لا يملكون) من الله أن يخاطبوه؛ لأنه لم يأذن لهم، يدل على هذا قوله:
٣٨ - قوله تعالى: ﴿يَوْمَ يَقُومُ الرُّوحُ وَالْمَلَائِكَةُ صَفًّا لَا يَتَكَلَّمُونَ إِلَّا مَنْ أَذِنَ لَهُ الرَّحْمَنُ﴾

(١) ورد معناه في "تفسير مقاتل" ٢٢٦/ ب، كما ورد قوله في "معالم التنزيل" ٤/ ٤٤٠، "زاد المسير" ٨/ ١٦٧.
(٢) ما بين القوسين نقله بمعناه عن أبي علي الفارسي. انظر: "الحجة" ٦/ ٣٧٠.
(٣) "التفسير الكبير" ٣١/ ٢٣، "البحر المحيط" ٨/ ٤١٥.
(٤) والقول: إن الذين لا يملكون منه خطاباً أنهم الكفار، قد خطأه ابن تيمية؛ بل اعتبره قول مبتدع، قال: (إنه قول مبتدع، وهو خطأ محض؛ لأنه لم يذكر في قوله: (لا يملكون منه خطاباً) استثناء، فإن أحداً لا يملك من الله خطاباً مطلقاً؛ إذ المخلوق لا يملك شيئاً يشارك فيه الخالق، ولكن الله إذا أذن لهم شفعوا من غير أن يكون ذلك مملوكاً لهم، وكذلك قوله: (لا يملكون منه خطاباً)، وهذا قول السلف، وجمهور المفسرين، وهو الصحيح). وذكر أيضًا جواباً آخر، فليراجع في ذلك كله: "مجموع الفتاوى" ١٤/ ٣٩٧ - ٣٩٨.


الصفحة التالية
Icon