وقوله: ﴿لَا يَتَكَلَّمُونَ إِلَّا مَنْ أَذِنَ لَهُ الرَّحْمَنُ﴾ الظاهر أن هذا من صفة الملائكة الذين يقومون صفاً.
والمعنى: أنهم لا يتكلمون إلا بإذن الله، فمن أذن له الرحمن وقال: ﴿صَوَابًا﴾ تكلم.
ومعنى الصواب: شهادة أن لا إله إلا الله في قول ابن عباس (١).
والمفسرون قالوا: هو التوحيد، ونفي الشرك، وتنزيه الله عزَّ وجلَّ عن كل فرية (٢).
والصواب هو السداد من الفعل والقول (٣)، يقال: فعل صواباً، وقال صواباً، وهو اسم من أصاب يصيب إصابة، كالجواب من أجاب يجيب إجابة (٤).
ويجوز أن يكون الاستثناء من جميع الخلق على قول من قال: لا يملكون منه خطاباً للخلق كلهم، فاستثنى من ملك منهم الخطاب، وهو الذي يتكلم بإذنه، وقال في الدنيا صواباً، أي شهد بالتوحيد، وهم المؤمنون.

(١) "جامع البيان" ٣٠/ ٢٤، "النكت والعيون" ٦/ ١٩٠، "الجامع لأحكام القرآن" ١٩/ ١٨٥، "الدر المنثور" ٨/ ٤٠١، "الأسماء والصفات" ١/ ١٨٦.
(٢) حكى هذا القول ابن الجوزي عن أكثر المفسرين. انظر: "زاد المسير" ٨/ ١٦٨.
(٣) وعن ابن فارس: (الصواب أجل صحيح يدل على نزول شيء واستقراره قراره، من ذلك الصواب في القول والفعل، كأنه أمر نازل مستقر قراره، وهو خلاف الخطأ). "مقاييس اللغة" ٣/ ٣١٧ (صوب).
(٤) ورد من قوله: والصواب إلى: يجيب إجابة: في "الجامع لأحكام القرآن" ١٩/ ١٨٦ من غير عزو.


الصفحة التالية
Icon