وقال أهل المعاني: إنما أقسم الله بهذه الأشياء للتنبيه على موقع العبرة؛ إذ القسم يدل على عظم شأن المقسم به (١).
وأما جواب هذه الأقسام، فقال الفراء: هي مما ترك جوابه لمعرفة السامعين (٢)، وكأنه لو ظهر كان: لتبعثُنَّ، ولتحاسبُنَّ، ويدلك على ذلك قولهم: ﴿أَإِذَا كُنَّا عِظَامًا نَخِرَةً﴾ [النازعات: ١١]، أي: أنبعث إذا صرنا عظامًا (نخرة) (٣)، (٤).
ونحو هذا قال الزجاج سواء (٥).
وقال مقاتل: أقسم الله بهؤلاء الملائكة أن النفختين كائنتان، بينهما أربعون سنة (٦)، فذلك قوله: ﴿يَوْمَ تَرْجُفُ الرَّاجِفَةُ (٦)﴾.

= قال: ويدل على هذا قوله: "والمرسلات عرفًا فالعاصفات عصفًا"، ثم استأنف قسما آخر منقطعًا مما قبله غير منسوق عليه بالواو، فقال: "والناشرات نشرًا". وهذه الواو واو قسم".
(١) لم أعثر على مصدر لقوله.
(٢) أي أن جواب القسم مضمر محذوف.
(٣) ما بين القوسين ساقط من: (أ).
(٤) "معاني القرآن" ٣/ ٣٣١.
(٥) "معاني القرآن وإعرابه" ٥/ ٢٧٨.
وهذا القول اختاره أيضًا أبو حيان في "البحر المحيط" ٨/ ٤٢٠، وضعف ما سواه من الأقوال في جواب القسم، ومن أراد الاستزادة في ذلك فليراجع ذلك في مواضعه من النكت العيون، "الجامع لأحكام القرآن"، "معاني القرآن" للأخفش، وغيرهم.
(٦) ورد بمعناه في "تفسير مقاتل" ٢٢٧/ أ، ويعتبر قوله قولًا آخر لجواب القسم، ويعني به أن اللام التي تلقى بها القسم محذوفة من قوله: "يوم ترجف الراجفة" أي ليوم كذا تتبعها الرادفة، ولم تدخل نون التوكيد؛ لأنه قد فصل بين اللام المقدرة والفعل. قاله أبو حيان في "البحر المحيط" ٨/ ٤٢٠.


الصفحة التالية
Icon