حال إنذار من يخشاها (١)، وتنذر أيضًا فيما يستقبل من يخشاها، ومفعل وفاعِلٌ إذا كان كل واحد منهما لما يستقبل، وللحال نونته؛ لأنه يكون بدلاً من الفعل، والفعل لا يكون إلا نكرة، وقد يجوز حذف التنوين علي الاستخفاف. والمعنى: معنى ثبوته (٢)، فإذا كان لما مضى فهو غير منون ألبتة تقول: أنت منذر زيدًا، أي أنت أنذرت زيدًا (٣).
وقال الفراء: التنوين، وتركه كلٌ صواب، كقوله: ﴿بَالِغُ أَمْرِهِ﴾ [الطلاق: ٣]، (وبالغٌ أمره. ﴿مُوهِنُ كَيْدِ﴾ [الأنفال: ١٨]) (٤)، (ومُوهِنُ كيدِ) (٥).
وقال أبو علي الفارسي: وجه التنوين، أن اسم الفاعل للحال، ويدل على ذلك قوله: ﴿قُلْ إِنَّمَا أُنْذِرُكُمْ بِالْوَحْيِ﴾ [الأنبياء: ٤٥]، ومن أضاف استخف الحذف، فحذف التنوين، كقوله: ﴿عَارِضًا مُسْتَقْبِلَ أَوْدِيَتِهِمْ﴾ [الأحقاف: ٢٤]، ونحو ذلك بما جاء على لفظ الإضافة، والمراد به الانفصال، -قال- ويجوز أن تكون الإضافة للمضي، نحو: ضارب زيدًا أمس؛ لأنه قد فعل الإنذار (٦).

(١) وهذا معنى لقراءة من قرأ: "منذرٌ" بالتنوين، وقد قرأ بذلك: أبو جعفر، وأبو عمرو على الأصل، وقرأ الباقون "منذرُ" من غير تنوين؛ لأجل التخفيف.
انظر: "القراءات وعلل النحوين فيها" ٢/ ٧٤٦، "الحجة" ٦/ ٣٧٥، "المبسوط" ٣٩٥، "النشر" ٢/ ٣٩٨، "إتحاف فضلاء البشر" (٤٣٣)، "المهذب" ٢/ ٣٢٢.
(٢) يعني ثبوت التنوين. "معاني القرآن وإعرابه" ٥/ ٢٨٢.
(٣) المرجع السابق بيسير من التصرف.
(٤) ما بين القوسين ساقط من: (أ).
(٥) "معاني القرآن" ٣/ ٢٤٣ بتصرف.
(٦) "الحجة" ٦/ ٣٧٥ بتصرف.


الصفحة التالية
Icon