ولم يزد من تكلم في معاني القرآن من أهل اللغة على هذا (١). وليس هذا بكاف ولا مقنع؛ لأنه غير موافق لما ذكره المفسرون بوجه، ولأنه لو كان من السجن لكان معناه الذي يكثر منه السجن، كالفسيق، والشريب، وبابه كما قيل في بيت ابن مُقْبل (٢).
ضَرْبًا تواصتْ به الأبْطالُ سِجِّينا (٣)
(هو فعيل من السجن كَأنه يلبث من وقع به فلا يبرح مكانه، وقال أبو عمرو: السجين في هذا البيت الشديد. وأما ابن الأعرابي فإنه رواه: سِخيِنًا، أي سُخْنًا) (٤) (٥)
فإذًا ليس السجِّين المذكور في القرآن من كلام العرب، وما كانت تعرفه (٦)، وهو على ما قاله المفسرون، والمعنى: إن كتاب عملهم لا يُصَعد

(١) قال الأخفش: لفي حبس ضيق شديد، وهو فعيل من السجن كما يقال: فسبق وشريب، وانظر: "ما تلحن فيه العامة" للكسائي: ١١٣، "الكشف والبيان" ج ١٣/ ٥٤/ أ.
(٢) تقدم ترجمته في سورة البقرة.
(٣) وصدر البيت كما في الديوان:
وَرَجْلَةِ يَضْربونَ البيض عَن عُرُضٍ
وقد ورد البيت في: ديوانه: ١٣٦: تح: د. تورك برواية: تَواصى به بدلًا تواصت به، مادة: (سجن): "تهذيب اللغة" ١٠/ ٥٩٥،"الصحاح" ٥/ ١٣٣، "لسان العرب" ٣/ ٢٠٣، "تاج العروس" ٩/ ٢٣١.
(٤) سُخْنًا أي الضّرْبَ، "تهذيب اللغة" ١٠/ ٥٩٥: مادة: (سجن).
(٥) ما بين القوسين نقلة عن "تهذيب اللغة" المرجع السابق.
(٦) وقد جمع بعض من المفسرين بين المعنيين، أي بين القول أنها اسم للأرض السابعة السفلى، وبين القول أنها فعيل من السجن، من هؤلاء: ابن جرير الطبري، والماوردي، والزمخشري، وابن كثير، وابن تيميه.


الصفحة التالية
Icon