وقال أبو إسحاق الزجاج: في هذه الآية دليل على أن الله -عز وجل (١) - يُرى في القيامة ولولا ذلك مَا كَان في هذه الآية فائدة، ولا خُسِسَتْ منزلة الكفار بأنهم يحجبون عن الله، ولمَّا أعلم الله أن المؤمنين ينظرون إليه في قوله: ﴿إِلَى رَبِّهَا نَاظِرَةٌ﴾ [القيامة: ٢٣] أعلم أن الكفار يحجبون عنه.
وقوم ذهبوا إلى (أن) (٢) معنى أنهم محجوبون عن رحمة الله وما أعد لأوليائه من النعيم (٣).

= والخلاصة في مسألة الرؤية:
قال السفاريني: لم يمتنع سبحانه من أن يمكن عباده من رؤيته في دار القرار إلا عن الكافر بالله -تعالى- وبكل مكفر اتصف به فكل من حكم الشرع بكفره فهو محجوب عن رؤية ربه، قال علي بن المديني: سألت عبد الله بن المبارك عن رؤية الله تعالى، فقال ما حجب الله -عز وجل- أحدًا عنه إلا عذبه ثم قرأ: ﴿كَلَّا إِنَّهُمْ عَنْ رَبِّهِمْ يَوْمَئِذٍ لَمَحْجُوبُونَ (١٥) ثُمَّ إِنَّهُمْ لَصَالُو الْجَحِيمِ (١٦) ثُمَّ يُقَالُ هَذَا الَّذِي كُنْتُمْ بِهِ تُكَذِّبُونَ (١٧)﴾ قال بالرؤية.
"لوامع الأنوار" ٢/ ٢٤٥.
والرؤية حق لأهل الجنة بغير إحاطة ولا كيفية، كما نطق به كتاب ربنا: ﴿وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَاضِرَةٌ (٢٢) إِلَى رَبِّهَا نَاظِرَةٌ (٢٣)﴾ (القيامة: ٢٢ - ٢٣) وتفسيره على ما أراده الله تعالى وعلى كل ما جاء في ذلك من الحديث الصحيح عن الرسول -صلى الله عليه وسلم- فهو كما قال، ومعناه على ما أراد، لا ندخل في ذلك متأولين بآرائنا ولا متوهمين بأهوائنا.
قاله الطحاوي. انظر: "شرح العقيدة الطحاوية" ٢٦ - ٢٧.
(١) ساقط من (ع).
(٢) ساقط من (أ).
(٣) قال بهذا القول: المعتزلة، ونفاة الرؤية. انظر: "المحرر الوجيز" ٥/ ٤٥٢، "التفسير الكبير" ٣١/ ٩٧، "رؤية الله تعالى": د. آل حمد: ٢٢١.
ومن أمثلة قائليه من أصحاب هذه الفرقة: عبد الجبار قال في معنى قوله تعالى: ﴿إِنَّهُمْ عَنْ رَبِّهِمْ يَوْمَئِذٍ لَمَحْجُوبُونَ﴾ إنهم ممنوعون من -رحمة الله-؛ لأن الحجب هو المنع، ولذلك يقال فيمن يمنع الوصول إلى الأمير: إنه حاجب له، وإن كان الممنوع مشاهدًا له، وقال أهل الفرائض في الأخوة إنهم يحجبون الأم عن الثلث =


الصفحة التالية
Icon