عَلَيْهِمْ بِجَبَّارٍ فَذَكِّرْ} [ق: ٤٥] الآية.
ثم استثنى فقال: ﴿إِلَّا مَنْ تَوَلَّى وَكَفَرَ﴾ ذكر الفراء في الاستثناء الوجهين: أحدهما: أن يكون مستثنى من الكلام الذي [كان] (١) التذكير يقع عليه، وإن لم يُذَكر كما تقول: اذهب، وعظ، وذكّر إلا من لا (تطمع) (٢) فيه، وعلى هذا معنى الكلام فذكر ﴿إِلَّا مَنْ تَوَلَّى﴾.
الوجه الثاني: أن يكون منقطعًا عما قبله، كما تقول في الكلام: قعدنا نتذاكر الخير؛ إلا أن كثيرًا من الناس لا يرغب، فهذا المنقطع.
وقال: وتعرف المنقطع من الاستثناء بحُسْن "إن" في المستثنى (فإذا كان الاستثناء) (٣) محضًا متصلًا لم يحسن فيه "إن"، ألا ترى أنك تقول: عندي مائتان إلا درهمًا، فلا تدخل (٤) "إن"، وهَاهنا يحسن "إن" بأن يقول: ﴿إِلَّا مَنْ تَوَلَّى وَكَفَرَ (٢٣) فَيُعَذِّبُهُ اللَّهُ﴾ (٥)
وذكر بعض النحويين (٦) أن هذا الاستثناء يجوز أن يكون عن الضمير
والمعنى: أم هم الأرباب، فلا يكونوا تحت أمر ونهي يفعلون ما شاءوا.
(١) هو: في كلا النسختين، ولا يستقيم الكلام بها، وأثبت ما جاء في المعاني.
(٢) تطعم: في كلا النسختين، وهو ظاهر الخطأ، وأثبت ما جاء في المعاني لاستقامة المعنى به.
(٣) ما بين القوسين ساقط من النسختين، وأثبت ما جاء في المعاني.
(٤) في (أ): إلا، وهو حرف زائد في السياق.
(٥) "معاني القرآن" ٣/ ٢٥٩ بتصرف.
(٦) قال ذلك النحاس في: "إعراب القرآن" ٥/ ٢١٥، وانظر أيضًا: البيان في "إعراب القرآن" لابن الأنباي: ٢/ ٥١٠، التبيان في "إعراب القرآن" ٢/ ١٢٨٤، "الدر المصون" ٦/ ٥١٤.