وقال أبو علي الفارسي: من نصب ﴿عَالِيَهُمْ﴾ احتمل النصب أمرين: أحدهما: أن يكون حالاً، والعامل فيه أحد شيئين: إما: (لَقَّاهُمْ) من قوله: ﴿وَلَقَّاهُمْ نَضْرَةً﴾، وإما ﴿وَجَزَاهُمْ بِمَا صَبَرُوا﴾، ومثل قوله: ﴿عَالِيهُم﴾ في كونه حالًا قوله: ﴿مُتَّكِئِينَ فِيهَا﴾، و ﴿ثِيَابُ سُنْدُسٍ﴾ مرتفعة باسم الفاعل قال: وقد أجيز أن يكون ظرفًا؛ لأنه لما كان (عالِ) بمعنى فوق (١) أجري مجراه في هذا، وهذا الوجه أبين، وهو أن (عال) صفة جُعل ظرفًا، كما كان قوله: ﴿وَالرَّكْبُ أَسْفَلَ مِنْكُمْ﴾ (٢) كذلك، وكما قالوا: هو ناحيةً من الدار.
ومن قرأ: (عَالِيهِم) فأسكن الياء (٣) في موضع رفع الابتداء، و ﴿ثِيَابُ سُنْدُسٍ﴾ خبره، ويكون اسمه في وضع الجماعة، كما أن الخبر جماعة، وفاعل قد يراد (به) (٤) الكثرة كما قال:
ألا إنَّ جيراني العشيّةَ رائِح | دَعَتْهُم دواع من هوًى ومنادِحُ (٥) |
(٢) سورة الأنفال: ٤٢.
(٣) قرأ بذلك: نافع، وحمزة، وأبو جعفر. انظر: "الحجة" ٦/ ٣٥٤، "حجة القراءات" ٧٣٩، "الكشف عن وجوه القراءات السبع" ٢/ ٣٥٤، "النشر" ٢/ ٣٩٦، "إتحاف فضلاء البشر" ٤٢٩.
(٤) ساقطة من (أ).
(٥) البيت غير منسوب في: "المحتسب" ٢/ ١٥٤، "الهمع" ٢/ ١٨٢ ط. دار المعرفة، وأصل منادح: مناديح؛ لأنه جمع مندوحة.
(٦) في (أ): ويقطع. سورة الأنعام: ٤٥.