منه في الجاهلية قبل النبوة (١).
وذهب قوم إلى أن المراد بهذا: الصغائر، والخطأ، والسهو، وإنما وصف ذلك بإنقاض الظهر مع كونها مغفورة لشدة اغتمام (٢) النبي -صلى الله عليه وسلم- بوقوعه منه، وتحسره مع ندمه عليه (٣).
وقوم يذهبون إلى أن هذا تخفيف أعباء النبوة التي تثقل الظهر من القيام بأمرها، وحفظ موجباتها، والمحافظة على حقوقها، سهل الله ذلك عليه، (وحط عليه) (٤) ثقلها بأن يسرها عليه حتى تيسرت، وذكر مِنَتهُ عليه

(١) سبق القول في مثل هذه المسألة عند تفسير قوله: ﴿وَوَجَدَكَ ضَالًّا فَهَدَى﴾ [الضحى: ٧].
(٢) في (أ): (اهتمام).
(٣) ومن القائلين بذلك الحسين بن الفضل، انظر قوله في "الكشف والبيان" ١٣/ ١١٣ ب، "الجامع لأحكام القرآن" ٢٠/ ١٠٦ وهذا القول ضمن القائلين بعصمة الأنبياء بعد البعثة من الكفر والكبائر، وفي كل ما يتعلق بالتبليغ، أما صغائر الذنوب، والسهو، والنسيان، فتصدر منهم كما دل على ذلك ظاهر القرآن، والسنة؛ غير أنهم لا يُقُّرون على الخطأ، وإذا وقع منهم ذنوب فإنهم يتوبون، ويكونون أحسن حالاً بعد التوبة، وهذا هو قول جمهور أهل السنة والجماعة.
"منهاج السنة" لابن تيمية ١/ ٤٧٠ - ٤٧٢، "مجموع الفتاوى" ١٠/ ٣٠٩ - ٣١٣. وانظر: "منهج السفاريني في أصول الدين" ٢/ ٣٦٤.
وقال ابن تيمية: (فإن القول بأن الأنبياء معصومون عن الكبائر دون الصغائر، هو قول أكثر علماء الإسلام، وجميع الطوائف، حتى أنه قول أكثر أهل الكلام كما ذكر أبو الحسن الأمدي أن هذا قول أكثر الأشعرية، وهو أيضًا قول أكثر أهل التفسير، والحديث والفقهاء؛ بل هو لم ينقل عن السلف والأئمة والصحابة والتابعين وتابعيهم إلا ما يوافق هذا القول).
"مجموع الفتاوى" ٤/ ٣١٩، وانظر "منهج السفاريني" ٢/ ٣٦٤.
(٤) ساقط من: (أ).


الصفحة التالية
Icon