وقال صاحب النظم: زعم بعضهم أن (كلا) هاهنا بمعنى حقًا؛ لأنه ليس قبله ولا بعده شيء تكون (كلا) ردًا له وهذا كما قالوه في قوله: ﴿كَلَّا وَالْقَمَرِ﴾ [المدثر: ٣٢]، فإنهم زعموا أنه بمعنى: إي والقمر، كما يقال: إي ولله (١).
﴿إِنَّ الْإِنْسَانَ﴾ يعني أبا جهل. [[ليطغى]] قال مقاتل: كلا إذا أصاب مالاً زاد في ثيابه، ومركبه، وطعامه، وشرابه، فذلك طغيانه (٢)، ونحو هذا قال الكلبي: يرتفع عن منزلة إلى منزلة في اللباس والطعام (٣).
٧ - قوله: ﴿أَنْ رَآهُ اسْتَغْنَى﴾ قال الأخفش: معناه لأن رآه، فحذف اللام، كما يقال: إنكم لتطغون إن رأيتكم استغنيتم (٤). ومثله كثير (٥).
قال الفراء: ولم يقل رأى الإنسان، فقال قتل نفسه لأن رأى من الأفعال التي تريد اسمًا وخبرًا؛ نحو الظن، والحسبان، وبابهما، ولا يقتصر في هذا الباب على مفعول واحد، والعرب تطرح النفس من هذا الجنس فتقول: رأيتني وظننتني، وحسبتني، ومتى تراك خارجًا، ومتى

(١) "التفسير الكبير" ١٨/ ٣٢، و"فتح القدير" ٥/ ٤٦٨.
(٢) "تفسير مقاتل" ٢٤٥ أ، و"معالم التنزيل" ٤/ ٥٠٧، كما ورد من غير عزو في: "زاد المسير" ٨/ ٢٧٩.
(٣) "الكشف والبيان" ١٣/ ١٢١ ب، وبمعناه في: "النكت العيون" ٦/ ٣٠٦، وبمثل قوله قال السدي في "النكت".
(٤) "التفسير الكبير" ٣٢/ ١٩، وانظر: "التحرير والتنوير" ٣/ ٤٤٤.
(٥) نحو ما جاء في قوله تعالى: ﴿أَرَأَيْتَكَ هَذَا الَّذِي كَرَّمْتَ عَلَيَّ﴾ [الإسراء: ٦٢] وقوله: ﴿قُلْ أَرَأَيْتَكُمْ إِنْ أَتَاكُمْ عَذَابُ اللَّهِ أَوْ أَتَتْكُمُ السَّاعَةُ أَغَيْرَ اللَّهِ تَدْعُونَ﴾ [الأنعام: ٤٠].


الصفحة التالية
Icon