أيضًا من الانفصال من ذكرك) (١).
ومن هذا قول طرفة:

فآلَيَت (٢) لا يَنْفَك كَشْحي بِطانَةً لِعَضْبٍ رَقيِقِ الشَّفْرَتيِنِ مُهَنّدِ (٣)
أي لا يزال.
وكذلك قول الكميت الذي أنشدناه، فأما قول ذي الرمة: لا ينفك إلا مناخة. فجعله الفراء من الانفكاك الذي هو الانفصَال، قال: لأنك لا تقول: مَازلت إلا قائمًا، ودخول (إلا) في قوله: (إلا مناخة) يدل على قوله أنه لم يرد لا ينفك: لا يزال.
وجعله غيره (٤) بمعنى: لا تَزال (٥)، وتكون (لا) صلة (٦) للضرورة، أو تحقيقًا لحالتيها من الإناخة على الخسف، أو السير عليها.
(١) ما بين القوسين من قول الفراء نقله عنه بتصرف: "معاني القرآن" ٣/ ٢٨١. وانظر: "تهذيب اللغة" ٩/ ٤٥٨ - ٤٥٩.
(٢) في (أ): (ماليت).
(٣) ورد البيت في: "ديوانه" ص ٣٧، ط. المؤسسة العربية، "الكشف والبيان" ١٣/ ١٣٢/ أبرواية "الرقيق"، "الجامع لأحكام القرآن" ٢٠/ ١٤٠.
معنى البيت: لا ينفك: لا يزال. وما انفك: ما زال. البطانة: نقيض الظهارة. العضب: السيف القاطع. شفرتا السيف: حداه، والجمع: الشفرات والشفار. يقول: ولقد حلفت أن لا يزال كشحي لسيف قاطع رقيق الحدين طبعته الهند منزلة البطانة للظهارة. "ديوانه" ص ٣٧.
(٤) كالمازني، وأبي جعفر. انظر: "إعراب القرآن" للنحاس ٥/ ٢٧٢، و"شرح المفصل" ٧/ ١٠٦ - ١٠٧.
(٥) في (ع): (ما زال).
(٦) أي: (زائدة).


الصفحة التالية
Icon