أجزاء كثيرة، وقد دل الله بهذا القول علي أنه واحد، فصح أنه ليس بجسم. وإن جعلته صفة فمعناه: الرفع من شأنه والتعظيم بأنه لا نظير له ولا شريك.
فهو أحد في صفته؛ إذ لم يوصف غيره بما وصف به من الصفات العلية.
وقال الأزهري: لا يوصف شيء بالأحدية غير الله -تعالى- لا يقال: رجلٌ أحدٌ، و (لا) (١) درهم أحدٌ. كما يقال: رجل وَحَدٌ، أي فرد، لأن أحدًا: صفة من صفات الله -جل ثناؤه- التي استأثر بها فلا يشركه فيها شيء، وليس كقولك: الله واحد، وهذا شيء واحد. لأنه لا يقال: شيء أحد، فأحد لا يوصف به غير الله لخلوص هذا الاسم الشريف لله جل ثناؤه (٢).
وقول المفسرين في تفسير "أحد" يدل على أنه وصف لا اسم، فإن ابن عباس قال: يريد الواحد الذي ليس كمثله شيء (٣).

= ويصفه بصفات البشر -كما فعلت المشبهة ونحوهم-، وهو في هذه الحالة الأخيرة إطلاق صحيح. (انظر: "شرح القصيدة النونية" لابن القيم: شرح د. محمد الهراس ١/ ٨٢، و"موقف ابن تيمية من الأشاعرة" د. عبد الرحمن المحمود ٣/ ١٠٩٩، و"التدمرية" تح السعوي: ١٨٤ - ١٨٥)، والإمام الواحدي رحمه الله بما عرف من أشعريته قد يكون قصد بمذهب المجسمة. من يثبت لله الوجه واليدين والعلو والاستواء، ويقولون هذه خصائص الأجسام، وكثيرًا ما يذكرون هذا في تفسير الأول، والواحد. ولا شك أن هذا الإطلاق خطأ؛ بل إثبات هذه الصفات هو الحق الذي عليه الأئمة، وهو الصواب. والله أعلم.
انظر: "موقف ابن تيمية من الأشاعرة" ٣/ ٩٤٨، و"شرح القصيدة النونية" ١/ ٨٢.
(١) ساقط من (أ).
(٢) "تهذيب اللغة" ٥/ ٩٧ - ١٩٨ بتصرف.
(٣) "الوسيط" ٤/ ٥٧١، وبمعناه في "زاد المسير" ٨/ ٣٣٠ وعبارته: الأحد هو الواحد.


الصفحة التالية
Icon