فلذلك خالفهم في الدعاء إلى توحيد الله، فأما أن يكون مسحورًا بوصف يجده في بدنه، فذلك ما لا ينكره أحد، ولم يكن الله ليسلط عليه شيطانًا أو جنيًّا أو انسيًّا فيما يؤدي إلى الضرورة في الدين، والنبوة، ولا الرسالة، وبيان الدعوة، فأما على الإضرار ببدنه فقد صح أن وجهه شج (١)، وأن رباعيته (٢) كسرت يوم أحد (٣)، ولم يقدح ذلك في نبوته كذلك السحر، والخيلة، والتوصل بالرقي الإضرار ببدنه لا ينكر (٤).
واختلفوا في معنى "الفلق" فالأكثرون على أنه الصبح، وهو قول جابر (٥)، وسعيد بن جبير (٦)،

(١) شج: أي حصل جرح في رأسه الشريف، والجراحة إذا كانت في الوجه أو الرأس تسمى شجة. "حاشية صحيح مسلم" ٣/ ١٤١٧.
(٢) الرباعية: هي السن التي تلي الثنية من كل جانب وللإنسان أربع رباعيات. "شرح صحيح مسلم" ١٢/ ٣٩٠.
(٣) أخرج مسلم في "صحيحه" ٣/ ١٤١٧: ح ١٠٤: كتاب الجهاد والسير: باب ٣٧ عن أنس أن الرسول -صلى الله عليه وسلم- كسرت رباعيته يوم أحد، وشج في رأسه، فجعل يسلت الدم عنه ويقول: كيف يفلح قوم شجوا نبيهم، وكسروا رباعيته وهو يدعوهم إلى الله فأنول الله عَزَّ وَجَلَّ ﴿لَيْسَ لَكَ مِنَ الْأَمْرِ شَيْءٌ﴾
(٤) قال القاضي عياض عن بعض المحققين: وهذه الطوارئ والتغييرات المذكورة، إنما تختص بأجسامهم البشرية المقصود بها مقاومة البشر ومعاناة بني آدم لمشاكله الجنس وأما بواطنهم فمنزهة غالبًا من ذلك معصومة منه متعلقة بالملأ الأعلى والملائكة لأخذهم عنهم وتلقيها الوحي. "الشفاء" ٢/ ٨٦٣.
(٥) "جامع البيان" ٣٠/ ٣٥٠، و"الكشف والبيان" ١٣/ ١٩٢ ب، و"النكت والعيون" ٦/ ٣٧٤، و"معالم التنزيل" ٤/ ٥٤٧، و"الجامع لأحكام القرآن" ٢٠/ ٢٥٤، و"البحر المحيط" ٨/ ٥٣٠، و"تفسير القرآن العظيم" ٤/ ٦١٣.
(٦) المراجع السابقة عدا "النكت"، وانظر أيضًا: "المحرر الوجيز" ٥/ ٥٣٨، و"تفسير سعيد بن جبير" ص ٣٨٣.


الصفحة التالية
Icon