وهذا معنى ما روى أنس أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: "إن الشيطان واضع خَطْمَه (١) على قلب ابن آدم، فإذا ذكر الله عز وجل خنس، وإذا نسي الله عز وجل التقم قلبه، فهو قوله:
٥ - ﴿الَّذِي يُوَسْوِسُ فِي صُدُورِ النَّاسِ﴾ " (٢).
أي بالكلام الخفي يصل مفهومه إلى القلب من غير سماع الصوت، وهو معنى الوسواس في اللغة، وقد مر (٣).
وقوله تعالى: ﴿مِنَ الْجِنَّةِ وَالنَّاسِ﴾
قال ابن عباس: أخبر الله عز وجل أنه من الجن، والإنس (٤)، وهو قول مقاتل (٥)، وسفيان (٦)، جعلوا الذي يوسوس من الجنة والناس.
قال قتادة في قوله ﴿مِنَ الْجِنَّةِ وَالنَّاسِ﴾: من الجن شياطين، ومن

(١) خطم: أنفه. الخطم من كل طائر منقاره، ومن كل دابة خَطَمه، مقدم أنفه وفمه. "تهذيب اللغة" ٧/ ٢٥٦ (خطم)، و"الصحاح" ٥/ ١٩١٤ (خطم).
(٢) أخرجه أبو نعيم في: "حلية الأولياء" ٦/ ٢٦٨، وعزاه الهيثمي في: "مجمع الزوائد" ٧/ ١٤٩ إلى أبي يعلى، وفيه عدي بن أبي عمارة، وهو ضعيف، وأخرجه أيضا الثعلبي في "الكشف والبيان" ١٣/ ١٩٥ أ، كما عزاه السيوطي في "الدر المنثور" ٨/ ٦٩٤ إلى ابن شاهين في "الترغيب في الذكر"، وابن أبي الدنيا في "مكائد الشيطان"، وأبي يعلى، والبيهقي في "شعب الإيمان" ١/ ٤٠٢ - ٤٠٣ ح ٥٤٠، كما أورده الشوكاني في "فتح القدير" ٥/ ٥٢٤، وضعف محقق كتاب "الوسيط"، و"البسيط" إسناد رواية الواحدي لوجود زياد بن عبد الله النميري.
(٣) عند سورة الأعراف: ٢٠.
(٤) لم أعثر على مصدر لقوله.
(٥) "تفسير مقاتل" ٢٥٧ ب.
(٦) لم أعثر على مصدر لقوله.


الصفحة التالية
Icon