٣ - قوله تعالى: ﴿وَالنَّهَارِ إِذَا جَلَّاهَا﴾ معنى التجلية: الإظهار والكشف، وذكرنا ذلك عند قوله: ﴿لا يجليها﴾ [الأعراف: ١٨٧].
قال الكلبي: جلاها جلى الظلمة (١).
قال الفراء: وجازت (٢) الكناية عن الظلمة، ولم تذكر؛ لأن المعنى معروف ألا ترى أنك تقول: أصبحت باردة، وأمست باردة، وهبت شمالاً، [فكنى] (٣) عن مؤنث لم يجر لها ذكر، لأن المعنى معروف (٤).
ونحو هذا قال الزجاج، وزاد فيها وجهًا آخر فقال: وقيل: والنهار إذا [جلاها] (٥) إذ بين الشمس؛ لأنها تتبين إذا انبسط النهار (٦).
وفاعل التجلية على القولين جميعًا النهار.
٤ - وقوله تعالى: ﴿وَاللَّيْلِ إِذَا يَغْشَاهَا﴾ قال الكلبي: يعني الشمس فيذهب بضوئها، فتغيب وتظلم الآفاق (٧).
وهذه الآية تقوي الآية الثانية في الآية التي قبلها، وذلك أنه لما جعل الليل يغشى الشمس فيذهب بضوئها حسن أن يقال: النهار ويجليها على ضد ما ذكر في الليل، وأيضًا فإن الضمير في "يغشاها" للشمس بلا خلاف، كذلك في "جلاها" يجب أن يكون للشمس، فيكون الضمير في الفواصل

(١) ورد معنى قوله في: "بحر العلوم" ٣/ ٤٨٢.
(٢) في (أ): (جازت).
(٣) يعني: هكذا ورد في كلا النسختين، وأثبت ما جاء في أصل الكلام، وهو "معاني القرآن" لانتظام الكلام. والله أعلم.
(٤) "معاني القرآن" ٣/ ٢٦٦.
(٥) (جليها) في كلا النسختين، وأثبت ما جاء في مصدر أصل الكلام لانتظامه.
(٦) "معاني القرآن وإعرابه" ٥/ ٣٣٢.
(٧) ورد معنى قوله في: "معالم التنزيل" ٤/ ٤٩١، و"زاد المسير" ٨/ ٢٥٧.


الصفحة التالية
Icon