الإلهام، فإن التبيين، والتعريف، والتعليم (١) دون الإلهام، والإلهام أن يوقع في قلبه، ويجعل فيه، كما ذكر ابن زيد: إذا أوقع الله في قلب عبده شيئًا فقد ألزمه إياه، وأصل معنى الإلهام من قولهم: لهم الشيء، والتهَمَهُ إذا ابتلعه، وألهمته ذلك الشيء إذا أبلغته. هذا هو الأصل (٢).
ثم استعمل ذلك فيما يقذفه الله في قلب العبد، لأنه كالإبلاغ، والتفسير الموافق لهذا الأصل قول ابن زيد: وهذا صريح في أن الله تعالى خلق في المؤمن تقواه، وفي الكافر فجوره (٣).
والذي يؤكد هذا ويبينه قوله:
٩ - ﴿قَدْ أَفْلَحَ مَنْ زَكَّاهَا﴾ وقال ابن عباس (في رواية عطاء (٤)، والكلبي (٥)) (٦): قد أفلحت نفس زكاها الله وأصلحها، وهو قول:

(١) في (أ): (التعليم والتعريف).
(٢) انظر: "تهذيب اللغة" ٦/ ٣٠٨ (لهم)، و"مقاييس اللغة" ٥/ ٢١٧، و"الصحاح" ٥/ ٢٠٣٦ - ٢٠٣٧.
(٣) وهذا ما يؤيده الحديث الذي أخرجه مسلم عن أبي الأسود الدِّئِليِّ قال: قال لي عمران بن حصين: أرأيت ما يعمل الناس اليوم ويكدحون فيه، أشيء قضي عليهم، ومضى عليهم من قدر ما سبق، أو فيما يستقبلون به مما أتاهم به نبيهم وثبت "الحجة" عليهم.. ؟ فقال: لا بل شيء قضي عليهم، ومضى فيهم، وتصديق ذلك في كتاب الله: ﴿وَنَفْسٍ وَمَا سَوَّاهَا (٧) فَأَلْهَمَهَا فُجُورَهَا وَتَقْوَاهَا﴾. كتاب القدر: باب ١: ج ٤/ ٢٠٤١، ٤٠٤٢: ح ١٠، وانظر: "مسند الإمام أحمد" ٤/ ٤٣٨.
(٤) ورد قوله من غير ذكر أحد الطريقين إليه في: "زاد المسير" ٨/ ٢٠٨، و"الدر المنثور" ٨/ ٥٣١، وعزاه إلى حسين في الاستقامة، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم. كما ورد معنى قوله في "جامع البيان" ٣٠/ ٢١١ من طريق علي الوالبي.
(٥) المراجع السابقة.
(٦) ما بين القوسين ساقط من (أ).


الصفحة التالية
Icon