يكون المعطوف عليه في حكمه. وحجة مَن قرأ بالياء قوله: ﴿قُلْ لِلَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ يَنْتَهُوا﴾.. الآية [الأنفال: ٣٨]. وكل واحد من المذهبين قد جاء التنزيل به (١).
وقوله (٢): ﴿وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا﴾. تقديره: وأحْسِنُوا بالوالدين إحسانًا، كأنه قال: لما أخذنا ميثاقهم قال: وقُلنا لهم: أحْسِنوا بالوالدين إحسانًا، كما قال: ﴿وَإِذْ أَخَذْنَا مِيثَاقَكُمْ وَرَفَعْنَا فَوْقَكُمُ الطُّورَ خُذُوا﴾ [البقرة: ٦٣]، أي: وقلنا لهم: خذوا، فالجار في الوالدين يتعلق بالفعل المضمر ولا يجوز أن يتعلق بالمصدر؛ لأن ما يتعلق بالمصدر لا يتقدم عليه.
و (أَحْسِنْ) يُوصَل بالباء كما يوصل بـ (إلى) (٣). يدلك على ذلك قوله: ﴿وَقَدْ أَحْسَنَ بِي إِذْ أَخْرَجَنِي مِنَ السِّجْنِ﴾ [يوسف: ١٠٠]. فتَعَدّى بالباء كما تعدى بإلى (٤) في قوله: ﴿وَأَحْسِنْ كَمَا أَحْسَنَ اللَّهُ إِلَيْكَ﴾ (٥) [القصص: ٧٧] هذا قول الزجاج (٦).
وقال بعضهم: المعنى: ووصيناهم بالوالدين إحسانًا (٧).
والقربى: القرابة في الرحم (٨).

(١) "الحجة" ٢/ ١٢٣ - ١٢٦، بتصرف.
(٢) في (ش): (وهو قوله).
(٣) في "الحجة" يصل بالباء كما يصل بـ (إلى).
(٤) من قوله: (يدلك). ساقط من (أ) و (م).
(٥) هذا كلام أبي علي في "الحجة" ٢/ ١٢٨ - ١٢٩.
(٦) "معاني القرآن" للزجاج ١/ ١٦٣، وانظر: "معاني القرآن" للأخفش ١/ ١٢٧.
(٧) ينظر: "تفسير الثعلبي" ١/ ١٠١٤، و"البحر المحيط" ١/ ٢٨٣ - ٢٨٤.
(٨) قال في "البحر المحيط" ١/ ٢٨١: القربى: مصدر كالرجعى، والألف فيه للتأنيث، وهي قرابة الرحم والصلب.


الصفحة التالية
Icon