هكذا تقوله العرب. وإذا قلت: فديت الأسير فهو أيضا جائز بمعنى فَدَيْتُه مما كان فيه، أي: خلّصته، منه وفاديت أحسن في هذا المعنى. ومعنى فديته بالشيء، أي: خلّصته به، وجعلته عوضًا منه؛ صيانة له، كقوله تعالى: ﴿وَفَدَيْنَاهُ بِذِبْحٍ عَظِيمٍ﴾ [الصافات: ١٠٧] أي: خلّصناه به (١) من الذبح (٢).
قال الفراء: والعرب تقصر الفداء وتمدّه، يقال: هذا فداؤك وفداك، وربما فتحوا الفاء إذا قصروا (٣).
وقوله تعالى: ﴿وَهُوَ مُحَرَّمٌ عَلَيْكُمْ إِخْرَاجُهُمْ﴾. (هو) إضمار الإخراج الذي تقدم ذكره في قوله: ﴿وَتُخْرِجُونَ فَرِيقًا﴾. ثم بيّن لتراخي الكلام أنّ ذلك الذي حُرِّم: الإخراج، فقال: (وهو محرّم عليكم)، ولو اقتصر على هذا القدر أشبه أن يرجع ذلك إلى فداء الأسرى، لأن معناه وإخراجهم (٤) فأظهر المكنى عنه فأعاده، فقال: إخراجهم فكان رفع الإخراج (٥) بالتكرير على هو؛ لأن معناه: وإخراجهم، محرم عليكم، فهو مبتدأ مؤخر عن خبره، تقديره: وإخراجهم محرم عليكم، وهذا معنى قول الفرّاء (٦) والزجّاج (٧) جميعًا. قال الفراء: وإن شئتَ جعلتَ هو عمادًا (٨).
(٢) "تهذيب اللغة" ٣/ ٢٧٥٤ بتصرف واختصار. (مادة: فدى).
(٣) نقله عنه "تهذيب اللغة" ٣/ ٢٧٥٤، وعنه ابن منظور في "اللسان" ٦/ ٣٣٦٦، "القرطبي" في "تفسيره" ٢/ ٩١. (مادة: فدى).
(٤) قوله: (لأن معناه، وإخراجهم) ساقطة من (أ) و (م).
(٥) في (ش): (الإحرام).
(٦) في "معاني القرآن" للفراء ١/ ٥٠ - ٥١.
(٧) "معاني القرآن" للزجاج ١/ ١٦٧.
(٨) كذا نقله عنه "القرطبي" في "تفسيره" ٢/ ٢٢.