معناه: أنهم يعترفون بأن الله ربهم، ويكفرون بمحمد فيقلّ إيمانهم. وانتصب قليلًا على هذا الوجه لأنه نعتُ مصدرٍ محذوف (١).
الوجه الثاني: أن يكون المعنى: فيؤمنون قليلًا من الزَمَانِ ويكفرون أكثره، ودليل هذا التأويل: قوله: ﴿وَقَالَتْ طَائِفَةٌ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ آمِنُوا بِالَّذِي أُنْزِلَ عَلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَجْهَ النَّهَارِ وَاكْفُرُوا آخِرَهُ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ﴾ [آل عمران: ٧٢]. فخّبر الله تعالى بقلة إيمانهم على معنى الوقت القصير الذي أظهروا فيه موافقة المسلمين ثم باينوهم بعده، وانتصب (قليلًا) في هذا الوجه؛ لأنه أقيم مقام الظرف، و (ما) في هذين الوجهين صلة.
الوجه الثالث: أن يكون (ما) مع الفعل مصدرًا، ويرتفع بـ "قليل"، وهو مقدم، ومعناه:
فقليلًا إيمانهم، كما قالوا: راكبًا لقَائِيك ومُجَرَّدًا ضَرْبِيكَ.
والآيه رَدٌّ على القدرية؛ لأن الله تعالى بيّن أن كفرهم بسبب لعنه آباءهم، فالله تعالى لما لعنهم وطردهم وأراد كفرهم وشقاوتهم منعهم الإيمان (٢).
(٢) قال القرطبي ٢/ ٢٣: ثم بين أن السبب في نفورهم عن الإيمان: إنما هو أنهم لعنوا بما تقدم من كفرهم واجترائهم، وهذا هو الجزاء على الذنب بأعظم منه.