حزبهم (١) أمر، وظهر لهم عدوٌّ، قالوا: اللهم انصرنا بالنبي المبعوث في آخر الزمان، وكانوا يسألون الله النصرَ بمحمد وبكتابه (٢).
وذكرنا معنى (الفتح والاستفتاح) عند قوله: ﴿أَتُحَدِّثُونَهُمْ بِمَا فَتَحَ اللَّهُ عَلَيْكُمْ﴾ [البقرة: ٧٦]. وفي الكلام إضمار واختصار، أراد: وكانوا من قبل يستفتحون به، أي: بذلك الكتاب، فلما سبق ذكر الكتاب لم (٣) يُعِده. ومثله في الكلام: السَّمْنُ مَنَوَان (٤) بدرهم أي: منه، ولكنك لا تعيد ذكره، وقد سبق في أول كلامك.
وقوله تعالى: ﴿فَلَمَّا جَاءَهُمْ مَا عَرَفُوا كَفَرُوا بِهِ﴾ يعني: الكتاب وبعثة النبي - ﷺ - وذلك أنهم كانوا قرأوا في التوراة: إن الله تعالى يبعث في آخر الزمان نبيًّا (٥)، وينزل عليه قرآنًا مبينًا أي: بالكتاب، ويبعث صاحب ذلك الكتاب (٦).
أعلم الله أنهم كفروا وهم يوقنون، وأنهم مُتَعمدون للشقاق وعداوة الله.
وجواب قوله: ﴿وَلَمَّا جَاءَهُم كِتَابٌ﴾ محذوف، تقديره: ولما جاءهم

(١) في (ش): (حزنهم)، وفي (م): (جزلهم).
(٢) ينظر ما رواه الطبري في "تفسيره" ١/ ٤١٠ - ٤١٠، ابن أبي حاتم في "تفسيره" ١/ ١٧١ - ١٧٢، وأبو نعيم في "الدلائل" ١/ ١٩.
(٣) في (م): (فلم).
(٤) المنوان: تثنية مَنَا وهو كيل أو ميزان يساوي رطلين ويثنى على منوان، ومنيان ويجمع على: أمْنَاءٍ، وأمْنٍ، ومُنِيٍّ ومِنِيٍّ. ينظر: "تهذيب اللغة" ٤/ ٣٤٥٤ مادة (منا)، و"القاموس" ١٧٢٢ و"المجموع شرح المهذب" ٩/ ٣٤٧.
(٥) في (م) و (ش): (يبعث نبيا في آخر الزمان).
(٦) ينظر: "تفسير الطبري" ١/ ٤١١ - ٤١٢، ابن أبي حاتم في "تفسيره" ١/ ١٧٢.


الصفحة التالية
Icon