وَالْمُنْكَرِ} [العنكبوت: ٤٥]، وكما تقول في الكلام: بئسما يأمرك العقل بشتم الناسِ، معناه: إِن كنْتَ عاقلًا لم تشتمهم، كذلك المعنى في الآية: لو كنتم مؤمنين ما عبدتم العجل (١).
٩٤ - قوله تعالى: ﴿قُلْ إِنْ كَانَتْ لَكُمُ الدَّارُ الْآخِرَةُ﴾ الآية، كانت اليهود تقول: ﴿لَنْ يَدْخُلَ الْجَنَّةَ إِلَّا مَنْ كَانَ هُودًا﴾ [البقرة: ١١١]، وقالوا أيضًا: ﴿نَحْنُ أَبْنَاءُ اللَّهِ وَأَحِبَّاؤُهُ﴾ [المائدة: ١٨]، فقيل لهم: إن كنتم عند أنفسكم صادقين فتمنوّا الموتَ، فإنّ مَنْ كان لا يشكّ في أنه صائرٌ إلى الجنة، فالجنة آثرُ عنده من الدنيا (٢).
والمعنى: إن كانَتْ لكم نعمة الدار الآخرة، فحذف لدلالة الكلام عليه.
وقوله تعالى: ﴿خَالِصَةً﴾ يجوز أن يكون فاعلةً من الخُلوص، فيكون انتصابها على خبر كان، ويجوز أن يكون مصدرًا، كالكاذبة والصافية والخائنَة، فيكون المعنى: خلصتْ خالِصَةً، ويكون انتصابها على المصدر (٣). ومعنى الخالصة: الصافية من الشائبة.
(٢) "معاني القرآن" للزجاج ١/ ١٧٧، وينظر في هذا: "تفسير الطبري" ١/ ٤٢٢ - ٤٢٣ عن قتادة وأبي العالية والربيع، ابن أبي حاتم في "تفسيره" ١/ ٢٨٤، "معاني القرآن" للفراء ١/ ٦٢، "تفسير الثعلبي" ١/ ١٠٣٦، "البحر المحيط" ١/ ٣١٠.
(٣) ذكر أبو حيان في "البحر المحيط" ١/ ٣١٠ الخلاف في إعراب خالصة فقيل: نصب على الحال، ولم يحك الزمخشري غيره، وقيل: خبر كان، فيجوز في (لكم) أن يتعلق بـ (كانت)، ويجوز أن يتعلق بـ (خالصة) ويجوز أن تكون للتبيين، فيتعلق بمحذوف تقديره: لكم أعني، ولم يذكر الانتصاب على المصدرية، وكذا القرطبي في "تفسيره" ٢/ ٣٣.