وقال أبو عبيد: يقال: آلفتُ القوم، إذا جعلتهم ألفًا، وقد آلفوا هم، إذا صاروا ألفًا (١). وأما السنة فأصلها والكلام فيها يذكر عند قوله: ﴿لَمْ يَتَسَنَّه﴾ [البقرة: ٢٥٩]. وخَصَّ الألف هاهُنا بالذكر: لأنه نهاية العُقُود، وقيل: لأنه نهاية ما كانت تدعُو بهِ المجوس لملوكها (٢).
وقوله تعالى: ﴿وَمَا هُوَ﴾ الكناية راجعة إلى أحدهم، كأنه قيل: وما أحدهم بمزحزحه من العذاب تعميره، كما تقول: ما عبد لله بضاربه أبوه.
قال أبو إسحاق: ويصلح أن يكون هو كناية عما جرى ذكره من طول العمر، وهو قوله: (لو يعمر) فيكون: وما تعميره بمزحزحه (٣)، والفعل يدل على المصدر، كقوله: ﴿وَلَا تَأْكُلُوا مِمَّا لَمْ يُذْكَرِ اسْمُ اللَّهِ عَلَيْهِ﴾ [الأنعام: ١٢١] وإنه يريد إنأكله، وعلى هذا قوله: ﴿وأَن يُعَمَّرَ﴾ تكرير لذكر التعمير، فيكون كقوله: ﴿وَهُوَ مُحَرَّمٌ عَلَيْكُمْ إِخْرَاجُهُمْ﴾ أعاد المصدر بعد ما كنى عنه (٤).
وقال ابن الأنباري: يجوز أن يكون هو كناية عن الشأن والأمر في قول الكسائي، والمعنى عنده: وما الشأن بمزحزحه من العذاب أن يعمَّر (٥).
قال: ويجوز أن يكون عمادًا في قول الفراء. والعرب تدخل (هو) للعماد مع (ما) في الجحد و (هل) و (واو الحال)، فيقولون: هل هو قائم

(١) نقله عنه في "تهذيب اللغة" ١/ ١٨٣، "اللسان" ١/ ١٠٨.
(٢) ينظر: "معاني القرآن" للزجاج ١/ ١٧٨، "تفسير الطبري" ١/ ٤٢٩، "تفسير الثعلبي" ١/ ١٠٣٩، "زاد المسير" ١/ ١١٧.
(٣) "معاني القرآن" للزجاج ١/ ١٧٨.
(٤) ينظر: "البحر المحيط" ١/ ٣١٥.
(٥) وأجاز هذا الوجه أبو علي كما في "البحر المحيط" ١/ ٣١٥، وقال في التبيان ١/ ٧٨: ولا يجوز أن يكون هو ضمير الشأن لأن المفسر لضمير الشأن مبتدأ وخبر، ودخول الباء في بمزحزحه يمنع من ذلك.


الصفحة التالية
Icon