الشيطان: إن سليمان كان يضبط الجن والإنس (١) والشياطين والطير بهذا، فاتخذ بنو إسرائيل تلك الكتب؛ فلذلك أكثر ما يوجد السحر في اليهود، فبرأ الله تعالى سليمان من ذلك، وأنزل هذه الآية (٢).
وقوله تعالى ﴿وَمَا كَفَرَ سُلَيْمَانُ﴾ أي: لم يكن كافرًا ساحرًا بسحر، (٣) ويعمل بالسحر (٤).
وقيل: وما ستر سليمان كتب السحر، ولكن الشياطين سترته ودفنته. وأصل الكفر: الستر والتغطِية (٥).
وقوله تعالى: ﴿وَلَكِنَّ الشَّيَاطِينَ كَفَرُوا﴾ في (لكن) قراءتان: التشديد ونصب الاسم به، والتخفيف ورفع الاسم به (٦).

(١) في (م): (الإنس والجن).
(٢) رواه ابن جرير في "تفسيره" مطولًا عنه ١/ ٤٤٤ - ٤٤٥، ابن أبي حاتم في "تفسيره" ١/ ١٨٦ من طريق أسباط عن السدي، وذكره الثعلبي في "تفسيره" مطولًا ١/ ١٠٥٧ والواحدي في أسباب النزول ص ٣٦ ولفظه هناك مثل هذا تمامًا. وابن الجوزي في "زاد المسير" ١/ ١٢١ - ١٢٢، وروى الحاكم ٢/ ٢٦٥، والواحدي بسنديهما عن ابن عباس نحوًا من هذا وصححه الذهبي. وينظر: "التفسير الصحيح" ١/ ٢٠٥ - ٢٠٦. ذكر الدكتور بشير حكمت ياسين في كتاب "التفسير الصحيح" ١/ ٢٠٥ - ٢٠٦ روايتين عن ابن عباس وصححهما وهما موافقتان لما نقله الواحدي وقال بعدهما. وهاتان الروايتان من أخبار أهل "الكتاب"، ولكنهما لا تتعارض مع "الكتاب" والسنة، بل لبعض فقراتها شواهد، فهي توافق عصمة سليمان عليه السلام وتبرىء ساحته مما ألصق به من مفتريات الإسرائيليات.
(٣) ساقطة من (ش).
(٤) "تفسيرالثعلبي" ١/ ١٠٦٠.
(٥) "المفردات" للراغب ٤٣٥.
(٦) قرأ ابن عامر وحمزة والكسائي وخلف بتخفيف نون لكن وإسكانها، ثم تكسر تخلصًا من التقاء الساكنين، والشياطين بالرفع. وقرأ الباقون بتشديد النون مفتوحة، ونصب الشياطين. ينظر: "السبعة" ١٦٧ - ١٦٨، و"الحجة" لأبي علي ٢/ ١٦٩، و"النشر" ٢/ ٢١٩، و"البدور الزاهرة" ص ٤٦.


الصفحة التالية
Icon