قال أبو علي: وقد استعملوا أحدًا بمعنى واحد، وذلك قولهم: أحد وعشرون، وفي التنزيل: ﴿قُل هُوَ اَللَّهُ أَحَد﴾ (١) [الصمد: ١].
وسنذكر الكلام في (أحد) صفة الله تعالى في سورة الإخلاص، والكلام في (واحد) نذكره في (٢) قوله: ﴿وَإِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ﴾ [البقرة: ١٦٣]، إن شاء الله تعالى.
وقوله تعالى: ﴿إِنَّمَا نَحْنُ فِتْنَةٌ﴾ معنى الفتنة في كلام العرب: الابتلاء والامتحان (٣)، وأصلها مأخوذ من قولك: فتنتُ الفضة والذهب: إنا أذبتهما بالنار؛ ليتميز الرديء من الجيد، وتعرف جودتهما من الرداءة، ومن هذا قوله عز وجل: ﴿يَوْمَ هُمْ عَلَى النَّارِ يُفْتَنُونَ﴾ [الذاريات: ١٣]، أي: يحرقون بالنار، ومن هذا قيل للحجارة السود التي كأنها أحرقت بالنار: الفتين، هذا هو (٤)، ثم جعل كل امتحان فِتْنَة، وقد جعل الله امتحانه عبيده

(١) ينظر: "تهذيب اللغة" ٤/ ٣٨٤٧ - (مادة: وحد)، "مقاييس اللغة" ٦/ ٩٠، "اللسان" ٨/ ٤٧٨٠ (مادة: وحد)، وقال صاحب "المفردات" ص٢١ - ٢٢ ما حاصله: أحد يستعمل على ضربين: أحدهما في النفي فقط، نحو: ما في الدار أحد. والثاني: في الإثبات، وهو على ثلاثة أوجه: الأول: في الواحد المضموم إلى العشرات، نحو أحد عشر. والثاني: أن يستعمل مضافًا إليه بمعنى الأول، كقوله: ﴿أَمَّا أَحَدُكُمَا فَيَسْقِي رَبَّهُ خَمْرًا﴾ [يوسف: ٤١]، وقولهم: يوم الأحد، أي يوم الأول، ويوم الاثنين. والثالث: أن يستعمل مطلقًا وصفًا، وليس ذلك إلا في وصف الله تعالى: ﴿قُل هُوَ اَللَّهُ أَحَدُ﴾.
(٢) في (م): (عند).
(٣) قال في "مقاييس اللغة" ٤/ ٤٧٢: الفاء والتاء والنون أصل صحيح يدل على ابتلاء واختبار.
(٤) من "تهذيب اللغة" ٣/ ٢٧٣٨، (مادة: فتن).


الصفحة التالية
Icon