وفي قوله: ﴿وَلَقَدْ عَلِمُوا لَمَنِ اشْتَرَاهُ مَا لَهُ فِي الْآخِرَةِ مِنْ خَلَاقٍ﴾ جملتان (١): إحداهما: مقسم عليها. والأخرى: مؤكدة بغير قسم.
ويحتمل أن تكون الجملتان كلتاهما مقسم عليهما، والجملة هي المحدّث عنه والحديث.
فأما الجملة المقسم عليها فقوله: ﴿وَلَقَدْ عَلِمُوا﴾ مقسم عليه؛ لدخول اللام في لقد، وهذه اللام إذا جاءت في الفعل الماضي والمستقبل فإنما تجيء على نية اليمين، كانت مذكورة معها أو محذوفة. قال سيبويه: سألت الخليل عن قوله: ليفعلنّ إذا جاءت مبتدأة؟ فقال: هي على نية القسم (٢)، واللام التي تدخل على الماضي هي هذه التي إذا دخلت على المستقبل لزمته النون، فتقدير ﴿وَلَقَدْ عَلِمُوا لَمَنِ اشْتَرَاهُ﴾: والله لقد علموا.
والأخرى المؤكدة غير المقسم عليها: قوله: ﴿وَلَقَدْ عَلِمُوا لَمَنِ اشْتَرَاهُ مَا لَهُ فِي الْآخِرَةِ مِنْ خَلَاقٍ﴾ إذا جعلت (مَنْ) بمعنى (الذي) كانت اللام للتأكيد دون القسم.
ومذهب سيبويه فيه هذا، وهو أن (من) فيه بمعنى (الذي)، كأنه قيل: للذي اشتراه ماله في الآخرة من خلاق (٣). فموضع (من) رفع بالابتداء.

(١) ما سيأتي فىِ المسألة من كلام أبي علي في "الإغفال" ص ٣٦٢ وما بعدها. وينظر في إعرابها "معاني القرآن" للفراء ١/ ٦٥ - ٦٩، "معاني القرآن" للزجاج ١/ ١٨٦ - ١٨٧، "إعراب القرآن" للنحاس١/ ٢٠٤، "إعراب مشكل القرآن" ١/ ١٠٦ - ١٠٧، "التبيان" للعكبري ص ٨١.
(٢) "الكتاب" ١/ ٥٣١ - ٥٣٢ ط. بيروت.
(٣) ساقط من (أ)، (م).


الصفحة التالية
Icon