ومعنى الآية: أن ثواب الله خير لهم من كسبهم بالكفر والسحر (١).
١٠٤ - قوله تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَقُولُوا رَاعِنَا﴾ يقال: أرعى إلى الشيء، وراعاه: إذا أصغى إليه، مثل: عافاه وأعفاه. قال الفراء: هو من الإرعاء والمراعاة (٢).
وقال أبو العباس أحمد بن يحيى: راعِنا سمعَك، أي: اسمع منّا حتى نفهمَك وتفهمَ عنّا، والعرب تقول: أرْعِنا سمعَك، وراعِنا سمعَك بمعنى واحد (٣). وأصل الكلمة من الرعاية (٤)، الذي هو الحفظ، فمعنى أرعيته سمعي، أي: حفظت عليه ما يقول. والمراعاة: المراقبة لأنها حفظ ما يكون من أحوال الشيء، والإرعاء: الإبقاء على أخيك؛ لأنك تحفظ ما تقدم من حقه. (٥)
قال الكلبي: عن ابن عباس: كان المسلمون يقولون للنبي - ﷺ -: راعِنا سمعك، وكان هذا بلسان اليهود سبًّا قبيحًا، فلما سمعوا هذه الكلمة

(١) "معاني القرآن" للزجاج ١/ ١٨٧، وينظر: "تفسير الثعلبي" ١/ ١٠٨٧، و"مشكل إعراب القرآن" ١/ ١٠٨، و"التبيان" ص ٨١، و"البحر المحيط" ١/ ٣٣٥.
(٢) "معاني القرآن" للفراء ١/ ٦٩.
(٣) نقله عنه في "تهذيب اللغة" ٢/ ١٤٣٠، (مادة: رعن).
(٤) ذكر الزجاج في "معاني القرآن" ١/ ١٨٨ أن في (راعنا) ثلاثة أقوال: أحدها: راعنا، من أرعنا سمعك. والثاني: من المراعاة والمكافأة، فقيل لهم: لا تقولوا: راعنا، أي: كافئنا في المقال، كما يقول بعضهم لبعض، وقولوا أنظِرنا، أي: أمهلنا، واسمعوا، كأنه قيل لهم استمعوا. والثالث: راعنا، كلمة تجري على الهزء والسخرية، فنهي المسلمون أن يتلفظوا بها بحضرة النبي - ﷺ -.
(٥) ينظر: "تهذيب اللغة" ٢/ ١٤٣٠، "المفردات" للراغب٢٠٤، "مقاييس اللغة" ٢/ ٤٠٧، "البحر المحيط" ١/ ٣٣٦، "تاج العروس" ١٨/ ٢٣٨ (رعن).


الصفحة التالية
Icon