ليس كل آية تُركت ولم تنسخ يؤتى بخير منها (١).
قال الزجاج: وهو فاسد من جهة اللفظ، وذلك النسيان يكون بمعنى الترك، وفي الآية (ننسها) من الإنساء لا من النسيان، فالإنساء لا يكون بمعنى الترك (٢). ونصر أبو علي الفارسي في كتاب الحجة قول الفراء، وأَفَسَدَ كل ما ذكره أبو إسحاق في هذه الآية في كتابه، وطال الخطبُ بينهما، فضربت عن ذكره صفحًا (٣). وكثير من المفسرين حمل النسخ المذكور في الآية على معنى: نسخ الكتاب من الكتاب. فقد حكي عن عدة منهم أنهم قالوا: يريد بالنسخ ما نسخه الله لمحمد - ﷺ - من اللوح المحفوظ فأنزله عليه، وهذا ظاهر الإحالة؛ لأنه ليس كل آية نسخت للنبي - ﷺ - من اللوح المحفوظ، فأنزلت عليه (٤) يؤتيه الله ويأتيه بخير منها، ولو كان كذلك لتسلسل الوحي حتى لا يتناهى (٥).
وقوله تعالى: ﴿أَلَمْ تَعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ﴾ أي: من النسخ والتبديل وغيرهما (٦).
١٠٧ - قوله تعالى: ﴿أَلَمْ تَعْلَمْ﴾ هو استفهام معناه التوقيف والتقرير (٧)، كقوله:
(٢) "معاني القرآن" للزجاج ١/ ١٨٩ - ١٩٠.
(٣) ينظر: "الحجة" لأبي علي ٢/ ١٩٢ - ٢٥٢.
(٤) في (ش): (فأنزلت عليه)، وهذا ظاهر الإحالة، وهو تكرار.
(٥) ينظر: "الناسخ والمنسوخ" لابي عبيد ص ٧، "تفسير الطبري" ١/ ٤٧٧ - ٤٧٨، ابن أبي حاتم في "تفسيره" ١/ ٢٠٠ - ٢٠١، "تفسير القرطبي" ١/ ٥٤ - ٥٦.
(٦) "تفسير الثعلبي" ١/ ١١٠٩.
(٧) من "معاني القرآن" للزجاج ١/ ١٩١، وينظر: "الوسيط" ١/ ١٩٠.