المصدر. ودل قوله: (يردونكم كفارًا) على (يحسدونكم)، وإن شئت جعلته مفعولًا له، كأنه قيل: للحسد (١).
وقوله تعالى: ﴿مِنْ عِنْدِ أَنْفُسِهِمْ﴾ أراد: أنهم ودُّوا ذلك من عند أنفسهم، لم يؤمروا به في كتابهم (٢) الدليل على ذلك قوله: ﴿مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمُ الْحَقُّ﴾ فـ (من) موصولة بـ ﴿وَدَّ﴾ لا بقوله: ﴿حَسَدًا﴾ على التوكيد، كقوله: ﴿وَلَا طَائِرٍ يَطِيرُ بِجَنَاحَيْهِ﴾ [الأنعام: ٣٨].
قال ابن الأنباري: ويكون تأويل ﴿مِنْ عِنْدِ أَنْفُسِهِمْ﴾ في حكمهم وتدينهم ومذهبهم، أي: هذا الحسد مذهب لهم، لم يؤمروا به كما تقول: هذا عند الشافعي حلال، أي: في حكمه ومذهبه. وأما معنى الحسد في اللغة، فحكى ثعلب عن ابن الأعرابي: أصل الحسد في كلام العرب: القشر، ومنه أخذ الحسد؛ لأنه يَقْشر القلب، قال والحَسدلُ (٣): القرادة،

= حاتم في "تفسيره" ١/ ٢٠٤ وسند ابن أبي حاتم حسن كما في "التفسير الصحيح" ١/ ٢١٥، وقد ذكر القصة بأطول مما عند الواحدي: مقاتل في "تفسيره" ١/ ١٣٠ وكذا الثعلبي في "تفسيره" ١/ ١١١٢، وذكره الزيلعي في "تخريج أحاديث الكشاف" ١/ ٧٨ وقال: قلت: غريب، وهو في "تفسير الثعلبي" هكذا من غير سندٍ ولاراوٍ. وقال ابن حجر في "الكاف الشاف في تخريج أحاديث الكشاف" ١/ ٣٥٦: لم أجده مسندًا. اهـ. وممن ذكر القصة مختصرة: السمرقندي ١/ ١٤٩، والحيري في "الكفاية" ١/ ٦٧، والسمعاني في "تفسيره" ٢/ ١٦، وابن عطية ١/ ٤٤٦، وابن الجوزي في "زاد المسير" ١/ ١١٤ وغيرهم.
(١) ينظر: "تفسير الثعلبي" ١/ ١١١٤، و"البيان" لابن الأنباري ١/ ١١٨، "التبيان في إعراب القرآن" ص ٨٣، و"إعراب القرآن" لأبي جعفر النحاس ١/ ٢٠٧، و"الدر المصون" ١/ ٣٤١.
(٢) "تفسير الثعلبي" ١/ ١١١٤.
(٣) زيدت اللام فيه كما يقال للعبد: عبدل. ينظر: "تفسير الثعلبي" ١/ ١١١٤.


الصفحة التالية
Icon