قال الزجاج (١) ثم ابن الأنباري وأبو علي (٢): الرفع في قوله: (ولا تُسأل) من وجهين: أحدهما: أن يكون حالًا صُرِفَتْ إلى الاستقبال، فيكون مثل ما عطف عليه في المعنى من قوله: ﴿بَشِيرًا وَنَذِيرًا﴾ وغير مسؤول، فيكون مرفوعًا في اللفظ، منصوبًا في التأويل، ويكون ذكر تُسْأَلُ وهو فعل بعد قوله: ﴿بَشِيرًا وَنَذِيرًا﴾ (٣) كقوله: ﴿وَيُكَلِّمُ النَّاسَ فِي الْمَهْدِ﴾ [آل عمران: ٤٦]. بعد ما تقدم من قوله: ﴿وَجِيهًا﴾.
والوجه الثاني: أن يكون منقطعًا من الأول، مُستأنفًا به، يُراد: ولست تسأل عن أصحاب الجحيم، ويقوي هذا الوجهَ قراءة عبد الله: ولن تسألَ، وقراءة أُبي: وما تُسأل (٤)، فلن، وما يشهدان للاستئناف (٥). ومعنى الآية ما قال مقاتل: وهو أن النبي - ﷺ - قال: لو أن الله أنزل بأسه باليهود لآمنوا، فأنزل الله عز وجل ﴿وَلَا تُسْأَلُ عَنْ أَصْحَابِ الْجَحِيمِ﴾ (٦). أي: لست بمسؤولٍ عنهم، وليس عليك من شأنهم عُهدة ولا تبعة، فلا تحزن عليهم، كما قال:
(٢) "الحجة" ٢/ ٢١٦.
(٣) ساقط من (ش) من قوله: (في اللفظ).
(٤) القراءتان في "الحجة" لابن زنجلة ص ١١٢، "تفسير الثعلبي" ١/ ١١٤٦، و"مختصر في شواذ القرآن" لابن خالوية ص ١٦، و"الكاشف" ١/ ١٨٢، وتفسير ابن عطية ١/ ٤٦٨.
(٥) إلى هنا انتهى كلام أبي علي في "الحجة" ٢/ ٢١٦.
(٦) ذكره عنه الثعلبي في "تفسيره" ١/ ١١٤٥، والواحدي في "أسباب النزول" ص ٤٣، وابن الجوزي في "زاد المسير" ١/ ١١٩، و"القرطبي" ٢/ ٨٣ ونقله ابن حجر في "العجاب" ١/ ٣٦٨ عن الواحدي، ثم قال: لم أر هذا في "تفسير مقاتل بن سليمان"، فينظر في "تفسير مقاتل بن حيان" ا. هـ. وهذا مرسل لا يحتج به.