السدي: ﴿لَا يَنَالُ عَهْدِي﴾ أي: نبوتي (١). واختاره ابن كيسان، فقال: يعني: لا ينال ما عهدت إليك من النبوة والإمامة في الدين من كان ظالمًا من ولدك، بل ينال عهدي من كان رسولًا إماما.
وقال الفراء: ﴿لَا يَنَالُ عَهْدِي الظَّالِمِينَ﴾ أي: لا يكون للناس إمام مشرك (٢). وقال عبد الله بن مسلم (٣): العهد هاهنا: الميثاق، يقول: لا ينال ما وعدتك من الإمامة الظالمين من ذريتك، والوعد من الله عز وجل ميثاق (٤). وهذه الأقوال متقاربة.
١٢٥ - قوله تعالى: ﴿وَإِذْ جَعَلْنَا الْبَيْتَ مَثَابَةً لِلنَّاسِ وَأَمْنًا﴾ هذه الآية تنعطف على ما تقدمها من الآيات التي ذكر فيها (٥) (إذ)، ويريد بالبيت الكعبة التي هي القبلة اليوم، ولذلك ذكره بالألف واللام (٦).
قوله تعالى: ﴿مَثَابَةً لِلنَّاسِ﴾ المثاب والمثابة مصدران لقولهم: ثاب يثوب مثابًا ومثابة وثؤوبا وثَوَبانا، ذكر ذلك الفراء في كتاب "المصادر". فالمثابة هاهنا: مصدر وُصِف به، ويراد به الموضعُ الذي يُثاب إليه (٧)، كما يقال: درهمٌ ضربُ الأمير، والمصدر قد يوصف به كثيرًا، قال زهيرٌ:

(١) أخرجه الطبري في "تفسيره" ١/ ٥٣٠، وابن أبي حاتم ١/ ٢٢٣، وذكره الثعلبي ١/ ١١٥٩.
(٢) "معاني القرآن" ١/ ٧٦.
(٣) يريد ابن قتيبة الدينوري، المتوفى سنة ٢٧٦ هـ
(٤) "تأويل مشكل القرآن" ص ٦٢، وذكره ابن الجوزي في "زاد المسير" ١/ ١٤١.
(٥) قوله: (التي ذكر فيها) ساقطة من (ش).
(٦) ينظر: "تفسير الطبري" ١/ ٥٣٢.
(٧) ينظر: "معاني القرآن" للفراء ١/ ٧٦، الطبري ١/ ٥٣٢، "معاني القرآن" للزجاج ١/ ٢٠٥ - ٢٠٦ انظر البحث في مثابة في: "اللسان" ١/ ٥١٨ (ثوب).


الصفحة التالية
Icon