كأنها فعل واقع في هذا المكان، ولا يقولون: وجعتُ عبدَ الله، ولا خسرتُ عبدَ الله (١).
قال الكلبي، عن أبي صالح، عن ابن عباس في قوله: ﴿إِلَّا مَنْ سَفِهَ نَفْسَهُ﴾ قال: خسر نفسه (٢).
وقال بعضهم: سفِه حقَّ نفسه، أي: جهِلَ (٣)، فجعله من باب حذف المضاف.
وقوله تعالى: ﴿وَلَقَدِ اصْطَفَيْنَاهُ فِي الدُّنْيَا﴾ معنى اصطفيناه: اخترناه للرسالة، وهو افتعلنا من الصفوة، قلبت التاءُ طاءً؛ لأنها أشبه بالصاد (٤)، وتأويل: ﴿اصْطَفَيْنَاهُ﴾ أخذناه صافيًا من غير شائب (٥). قال ابن عباس في معنى قوله: ﴿وَلَقَدِ اصْطَفَيْنَاهُ فِي الدُّنْيَا﴾: يريد: أنه ليس في الأرض خلق إلا وهو (٦) يذكره بخير، وينتحل دينه (٧)، وقيل: ﴿وَلَقَدِ اصْطَفَيْنَاهُ فِي الدُّنْيَا﴾ بالنبوة، وقيل: بالخُلّة.
وقوله تعالى: ﴿وَإِنَّهُ فِي الْآخِرَةِ لَمِنَ الصَّالِحِينَ﴾، قال ابن عباس: يريدُ

(١) تقدم شيء منه قبل قليل.
(٢) ذكره الثعلبي ١/ ١١٩١، وذكره البغوي في "تفسيره" ١/ ١٥٢، والخازن ١/ ١١٢، وأبو حيان في "البحر المحيط" ١/ ٣٩٤.
(٣) ذكره الثعلبي ١/ ١٢٠٠، عن المفضل بن سلمة عن بعضهم. وانظر: "البحر المحيط" ١/ ٣٩٤.
(٤) ينظر: "الكتاب" لسيبويه ٤/ ٢٣٩ - ٢٤٠، "تفسير الطبري" ١/ ٥٥٩، "تفسير الثعلبي" ١/ ١١٩٥، "تفسير القرطبي" ٢/ ١٢٢.
(٥) ينظر: "الوسيط" للواحدي ١/ ٢١٥.
(٦) في (م): (إلا ويذكره).
(٧) لعله من رواية عطاء.


الصفحة التالية
Icon