صبغةً؛ لأن المتدين يَلْزَمُه ولا يُفَارقُه، كما يلزم الصبغُ الثوبَ. والعرب تقول: فلانٌ يَصْبغ فلانًا في الشرّ، إذا أدخله فيه، وألزمه إياه، كما يلزم الثوب الصبغ، خاطبهم الله في كتابه بمثل ما يعرفون في لغتهم، أنشد ثعلب:

دعِ الشَّرَّ وَانْزِلْ بِالنَّجَاةِ تَحَرُّزًا إذا أنت لم يَصْبِغْكَ في الشَّرِّ صَابغُ (١)
قال اللحياني: تَصَبَّغَ فلان في الدين تَصَبُّغُا، وصِبْغَةً حسنة (٢).
وقال أبو عمرو: كل ما يتقرب به إلى الله عز وجل فهو الصِّبْغَةُ (٣).
وقال ابن عباس: إن النصارى كانوا إذا ولد لأحدهم ولد، فأتى على سبعة أيام غمسوه في ماء لهم، يقال له: المعمودي، وصبغوه به ليطهروه بذلك مكان الختان (٤)، ويقولون: هو تطهير له وتنظيف، فجعل الله الختان للمسلمين تنظيفًا وتطهيرًا، وأمر به معارضةً للنصارى. فعلى هذا القول جرت الصبغة على الختانة؛ لصبغهم غلمانهم في الماء.
(١) البيت بلا نسبة في: "أساس البلاغة"، (دبغ)، (صبغ)، "المعجم المفصل" ٣/ ٢٦٧.
(٢) ذكره الأزهري في "تهذيب اللغة" ٢/ ١٩٧٦، وابن منظور في "اللسان" ٤/ ٢٣٩٦ (صبغ).
(٣) ذكره الأزهري في "تهذيب اللغة" ٢/ ١٩٧٦، وعنه ابن منظور في "اللسان" ٤/ ٢٣٩٦.
(٤) ذكره الثعلبي في "تفسيره" ١/ ١٢٢٣، وعنه البغوي في "تفسيره" ١/ ١٥٧، والواحدي في "أسباب النزول" ص ٤٤، ٤٥، وابن الجوزي في "زاد المسير" ١/ ١٥١، "تفسير القرطبي" ٢/ ١٣٢، و"الخازن" ١/ ١١٦، وأبو حيان في "البحر المحيط" ١/ ٤١١، وابن حجر في "العجاب" ١/ ٣٨٢.


الصفحة التالية
Icon