وقال عامة المفسرين: إن رسول الله - ﷺ - وأصحابه كانوا بمكة يصلّون إلى الكعبة، فلما هاجروا إلى المدينة أمره الله أن يصلي نحو صخرة بيت المقدس؛ ليكون أقرب إلى تصديق اليهود إياه إذا صلى إلى قبلتهم (١).
وقال ابن زيد: قال الله لنبيه - ﷺ -: ﴿فَأَيْنَمَا تُوَلُّوا فَثَمَّ وَجْهُ اللَّهِ﴾ فقال: هؤلاء اليهود يستقبلون بيتًا من بيوت الله، فلو استقبلناه، فاستقبله النبي - ﷺ - سبعة عشر شهرًا (٢).
ثم رأى أن الصلاة إلى الكعبة أدعى لقومه إلى الإسلام، فقال لجبريل: وددت (٣) أنّ الله صرفني عن قبلة اليهود إلى غيرها، فقال له جبريل: إنما أنا عبد مثلك، وأنت كريم على ربك، فادع ربك وسَلْه، ثم ارتفع جبريل، وجعل رسول الله يديم النظر إلى السماء؛ رَجَاء أن يأتيه جبريل بالذي سأل ربه، فأنزل الله تعالى: ﴿قَدْ نَرَى تَقَلُّبَ وَجْهِكَ فِي السَّمَاءِ﴾ (٤).
(٢) رواه عنه الطبري في "تفسيره" ٢/ ٢٠ بلفظ: ستة عشر شهرًا، وذكره الثعلبي ١/ ١٢٤٢، ويوحي صنيع الواحدي أن ما بعده تبع له، وليس الأمر كذلك.
(٣) في (م): (وودت).
(٤) كذا في "تفسير مقاتل" ١/ ١٤٤، "تفسير الثعلبي" ١/ ١٢٤٣، "تفسير البغوي"، عن مجاهد ١/ ١٦١، "العجاب" لابن حجر ١/ ٣٩٥، وقال في "الدر المنثور" ١/ ٢٦٩: أخرجه أبو داود في "ناسخه" عن أبي العالية. وذكره الواحدي ص ٤٦، =