أن يرجع إلى ديننا (١)، فهؤلاء تبقى لهم (٢) الخصومة. والحجةُ قد تكون بمعنى الخصومة، كقوله: ﴿لَا حُجَّةَ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُم﴾ [الشورى: ١٥]، أي: لا خصومة (٣).
قال أبو روق: حجة اليهود أنّهم كانوا قد عرفوا أنّ النبيّ المبعوث في آخر الزمان قبلته الكعبة، وأنه يحوَّل إليها، فلما رأوا محمدًا - ﷺ - يصلي إلى الصخرة واحتجوا بذلك، فصرفت قبلته إلى الكعبة؛ لئلا يكون لهم عليه حجة إلا الذين ظلموا منهم (٤)، يريد: إلا الظالمين الذين يكتمون ما عرفوا من أنه يُحَوَّل إلى الكعبة.
وقال المفضَّل بن سلمة (٥): المراد بالناس في هذه الآية: جميع الناس، كانوا يحتجّون على النبي - ﷺ - بأنه (٦) لو كان نبيًّا لكانت له قبلة، ولم يصلّ إلى قبلة اليهود، فلما حُوِّلت قبلته إلى الكعبة، بطل هذا الاحتجاج، إلا أن الظالمين يتعنتون ويخاصمون. فيقول المشركون ومن دان بدينهم:
(٢) في (أ)، (م): (فهو لانتقالهم الخصومة).
(٣) ينظر: "تفسير الطبري" ٢/ ٣١، "تفسير الثعلبي" ١/ ١٢٥٢.
(٤) ذكره الثعلبي في "تفسيره" ١/ ١٢٥٤، والبغوي ١/ ١٦٥، وقد ذكر الرازي في "تفسيره" ٤/ ١٤٠ أربعة أوجه لتأويل كون الاستثناء متصلًا.
(٥) هو المفضل بن سلمة بن عاصم، أبو طالب الضبي، لغوي، كان كوفي المذهب في النحو، لقي ابن الأعرابي وغيره من العلماء، توفي في نحو ٢٩٠ هـ كما في "الأعلام". ينظر: "إنباه الرواة" ٣/ ٣٠٥، "بغية الوعاة" ٢/ ٢٩٦ - ٢٩٧، "الأعلام" ٧/ ٢٧٩.
(٦) في (م): (لأنه).