الوجه الثاني من القراءة: (يَطَّوَّعْ) بالياء وجزم العين، وتقديره: يتطوع إلا أنّ التاء أُدغم في الطاء لتقاربهما، وهذا حسن؛ لأن المعنى على الاستقبال، والشرط والجزاء الأحسن فيهما (١) الاستقبال، وإن كان يجوز أن تقول: من أتاك أعطيته، فتُوقع الماضي موقعَ المستقبل في الجزاء، إلا أنّ اللفظ إذا كان وافق المعنى كان أحسن (٢).
وأما التفسير: فقال مجاهد: ﴿وَمَنْ تَطَوَّعَ خَيْرًا﴾ بالطواف بهما (٣)، وهذا على قول من لا يرى الطواف بهما فرضًا.
وقال مقاتل والكلبي: ﴿وَمَنْ تَطَوَّعَ خَيْرًا﴾ فزاد في الطواف بعد الواجب (٤).
ومنهم من حمل هذا النوع على العمرة، وهو قول ابن زيد (٥)، وكان يرى العمرة غير واجبة.
وقال الحسن: ﴿وَمَنْ تَطَوَّعَ خَيْرًا﴾ يعنى به: الدين كلّه، أي: فعل غير المفترض عليه، من طواف وصلاة وزكاة ونوع من أنواع الطاعات (٦).

(١) في (ش): (في هذا).
(٢) ما تقدم من كلام أبي علي في "الحجة" ٢/ ٢٤٥ - ٢٤٨ بتصرف واختصار.
(٣) "تفسير مجاهد" ص ٩٢، ورواه الطبري عنه في "تفسيره" ٢/ ٥٠، وعزاه في "الدر المنثور" ١/ ٢٩٢ إلى: سيعد بن منصور، وعبد بن حميد، وروى ابن أبي حاتم في "تفسيره" ١/ ٢٦٨ عن أنس قوله: والطواف بهما تطوع، وكذا روي عن ابن عباس، وعزاه في "الدر": إلى عبد بن حميد، وأبي عبيد في "فضائله"، وابن أبي داود في "المصاحف".
(٤) "تفسير مقاتل" ١/ ١٥٢، وذكره عنهما الثعلبي ١/ ١٣٠٠، والبغوي ١/ ١٧٥.
(٥) رواه الطبري عنه في "تفسيره" ٢/ ٥٢، وذكره الثعلبي ١/ ١٣٠١.
(٦) ذكره الثعلبي ١/ ١٣٠١، والبغوي في "معالم التنزيل" ١/ ١٧٥.


الصفحة التالية