وقال ابن مسعود: ما تلاعن اثنان من المسلمين إلا (١) رجعت تلك اللعنة على اليهود والنصارى، الذين كتموا أمر محمد - ﷺ -، وصفته (٢).
١٦٠ - قوله تعالى: ﴿إِلَّا الَّذِينَ تَابُوا﴾ معنى (٣) (إلّا) التخصيص (٤)، نحو قولك: جاءني القوم إلا زيدًا، خصصتَ زيدًا بأنه لم يجئ (٥).
ومعنى قوله تعالى: ﴿وَأَصْلَحُوا وَبَيَّنُوا﴾ بعد قوله: ﴿تَابُوا﴾ إزالة الإبهام: أن التوبة مما سلف من الكتمان تكفي، ومعنى ﴿وَأَصْلَحُوا وَبَيَّنُوا﴾ أي: أصلحوا السريرة بإظهار أمر محمد - ﷺ - (٦).
١٦١ - قوله تعالى: ﴿إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَمَاتُوا وَهُمْ كُفَّارٌ﴾ إلى قوله: ﴿وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ﴾ إن قيل: كيف يلعنه الناس أجمعون، وأهل دينه لا يلعنونه؟ قيل: يلعنونه في الآخرة؛ لقوله: ﴿ثُمَّ يَوْمَ الْقِيَامَةِ يَكْفُرُ
(٢) أخرجه البيهقي في "شعب الإيمان" ٤/ ٣٠٣ من طريق السدي الصغير، عن الكلبي عن أبي صالح عن ابن مسعود، وهذا إسناد واه، وذكره الثعلبي ١/ ١٣٠٤ ولفظه: هو الرجل يلعن صاحبه فترتفع اللعنة في السماء ثم تنحدر فلا تجد صاحبها الذي قيلت له أهلًا لذلك، فترجع إلى الذي تكلم بها فلا تجده أهلا، فتنطلق فتقع على اليهود، فهو قوله عز وجل {وَيَلْعَنُهُمُ اللَّاعِنُونَ﴾. فمن تاب منهم ارتفعت اللعنة عنه فكانت في من بقي من اليهود. وينظر: "معاني القرآن" للزجاج ١/ ٢٣٥، "تفسير البغوي" ١/ ١٧٥.
(٣) في (أ)، (م): (يعنى).
(٤) في (أ)، (م): (للتخصيص).
(٥) "البحر المحيط" ١/ ٤٥٩.
(٦) ينظر: "تفسير الطبري" ٢/ ٥٧، "تفسير ابن أبي حاتم" ١/ ٢٧٠، "تفسير البغوي" ١/ ١٧٥، "تفسير القرطبي" ٢/ ١٧٢.