وقال ابن الأنباري: إنما سميت الريح ريحًا؛ لأن الغالب عليها في هبوبها المجيء بالرَّوح والرَّاحة، وانقطاعُ هبوبها يُكسِبُ الكربَ والغَمّ، فهي مأخوذة من الروح. وأصلها: رِوْح، فصارت الواو ياء؛ لسكونها وانكسار ما قبلها، كما فعلوا في الميزان والميعاد والعيد، والدليل على أن أصلها الواو: قولهم في الجمع: أرواح (١).
قال زهير:

قِفْ بالديار التي لم يعفُها القدمُ بلى وغيَّرَها الأرواحُ والدِيَمُ (٢)
ويقال: رِحْتُ الريح أَراحُها، وأُرحتُها أرِيحُها: إذا وجدتها، ومنه الحديث: "من استُرعي رعيةً فلم يَحُطهم بنصيحة، لم يُرِحْ رائحةَ الجنة، وإن ريحَها لتوجد من مسيرة مائة عام" (٣).
قال الكسائي: الصواب: لم يُرحْ، من: أرَحتُ أُريح، وقال الفراء: لم يَرَح، بفتح الراء. وقال غيرهما: الصواب: لم يرِحْ، من رحت أريح.
(١) نقله عنه الرازي في "تفسيره" ٤/ ٢٠١.
(٢) ينظر: "ديوانه" ص ١٤٥، "لسان العرب" ٨/ ٤٩٤٢.
(٣) الحديث أصله في الصحيحين، رواه البخاري (٧١٥٠، ٧١٥١) كتاب الأحكام، باب: من استرعى رعية فلم ينصح، ومسلم (١٤٢) في الإيمان، باب: استحقاق الوالي الغاش لرعيته النار، وليس في ألفاظهما: "لم يرح رائحة الجنة، وإن ريحها لتوجد من مسيرة مائة عام"، ولفظ (لم يرح) في حديث عبد الله بن عمرو مرفوعًا: "من قتل معاهدًا لم يرح رائحة الجنة، وإن ريحها توجد من مسيرة أربعين عامًا" رواه البخاري (٣١٦٦) كتاب الجزية، باب: إثم من قتل معاهدًا بغير جرم، (٦٩١٤) كتاب: الديات، باب: إثم من قتل ذميًّا بغير جرم.


الصفحة التالية
Icon