العذاب (١) كقوله: ﴿وَفِي عَادٍ إِذْ أَرْسَلْنَا عَلَيْهِمُ الرِّيحَ الْعَقِيمَ﴾ [الذاريات: ٤١].
وقد يختص اللفظ في التنزيل بشيء فيكون أمارة له، فمن ذلك أن عامة ما جاء في التنزيل من قوله: ﴿وَمَا يُدْرِيكَ﴾ مبهم غير مبيّن، كقوله: ﴿وَمَا يُدْرِيكَ لَعَلَّ السَّاعَةَ قَرِيبٌ﴾ [الشورى: ١٧]، وما كان من لفظ (أدراك) مفسّر، كقوله: ﴿وَمَا أَدْرَاكَ مَا الْقَارِعَةُ﴾ [القارعة: ٣]، ﴿وَمَا أَدْرَاكَ مَا هِيَهْ﴾ [القارعة: ١٠] (٢).
فأما التفسير، فالتصريف في اللغة: التقليب، وهو تَفْعيل من الصَّرف، والصَّرف: القلب عن الشيء. والصَّرِيف: اللبنُ الذي سَكَنَت (٣) رَغْوتُه؛ لانصراف الرغوة عنه، وقيل: لا يُسمَى صريفًا حتى يُنصرف به عن الضرع (٤)، والصريف: الفحل نابيه؛ لأنه يقلب أحدهما بالآخر (٥).
قال المفسرون: ومعنى ﴿وَتَصْرِيفِ الرِّيَاحِ﴾: تَقْليبُها قَبُولًا ودَبُورًا وشمالًا وجنوبًا، كما بَيَّنَّا، وتصريفها مرةً بالرحمة، ومرةً بالعذاب، وتصريفها مرة حارةً، ومرةً باردةً، ومرة لينةً، ومرةً عاصفة (٦).

(١) في (أ)، (م): (الإفراد والعذاب).
(٢) من كتاب "الحجة" ٢/ ٢٥٦ - ٢٥٨ بتصرف.
(٣) في (ش): (سكتت). ولعلها كذلك في (م).
(٤) ينظر في معاني التصريف: "المفردات" ص ٢٨٣، "اللسان" ٤/ ٢٤٣٤ (صرف).
(٥) العبارة غير واضحة، وقد يكون صوابها: صرف الفحل نابه، أي: حرقه فسمعت له صوتًا، ولنابه صريف أي: صوت. قال في "اللسان" ٤/ ٢٤٣٦: الصريف: صوت الأنياب، وصرف الإنسان والبعير نابه، وبنابه حرقة فسمعت له صريفًا، وناقة صروف بينة الصريف، وصريف الفحل: تهدُّره.
(٦) ينظر: "تفسير الطبري" ٢/ ٦٤، "تفسير ابن أبي حاتم" ١/ ٢٧٥، "تفسير الثعلبي" ١/ ١٣١١، "المحرر الوجيز" ٢/ ٥١، "البحر المحيط" ١/ ٤٦٧.


الصفحة التالية
Icon