فانعِقْ بِضَأْنِك يا جريرُ فإنما مَنَّتْكَ نَفْسُك في الخَلَاء ضَلالا (١) (٢)
وللعلماء من أهل التأويل في هذه الآية طريقان:
أحدهما: تصحيح المعنى بإضمار في الآية.
والثاني: إجراء الآية على ظاهرها من غير إضمار (٣).
فأما الذين أضمروا فقد اختلفوا، فقال الأخفش (٤) والزجاج (٥) وابن قتيبة (٦): تقدير الآية: ومثلك يا محمد، ومثل الذين كفروا في وعظهم ودعائهم إلى الله عز وجل؛ فَحَذَف أحدَ المثلين اكتفاءً بالثاني، كقوله: ﴿سَرَابِيلَ تَقِيكُمُ الْحَرَّ﴾ [النحل: ٨١]، وعلى هذا التقدير: شبه الكفار بالبهائم، وشبه داعيهم بالذي يصيح بها، وهي لا تعقل شيئًا.
وقال الفراء (٧) في هذه الآية قولين:
أحدهما: أن تقدير الآية: ومثل واعظ الذين كفروا كمثل الذي ينعق بالغنم، فحذف كما قال: ﴿وَاسْأَلِ الْقَرْيَةَ﴾ [يوسف: ٨٢]، أي: أهلها (٨).
(١) البيت في "ديوان الأخطل" ص ٣٩٢، "تفسير الطبري" ٢/ ٨٣، والثعلبي ١/ ١٣٣٦، "خزانة الأدب" ١١/ ١٣٣، "طبقات فحول الشعراء" ٢/ ٤٩٧، "مجاز القرآن" ١/ ٦٤، "وضح البرهان في مشكلات القرآن" ١/ ١٨٣.
(٢) ينظر في معنى نعق: "تفسير الطبري" ٢/ ٨٣، "تهذيب اللغة" ٤/ ٣٦١٣، "تفسير الثعلبي" ١/ ١٣٣٥، "المفردات" ٥٠١، "اللسان" ٧/ ٤٤٧٦.
(٣) ينظر في معنى الآية: "تفسير الطبري" ٢/ ٧٩، "المحرر الوجيز" ١/ ٦٣ - ٦٥، "تفسير القرطبي" ٢/ ١٩٧ - ١٩٨، "البحر المحيط" ١/ ٤٨١.
(٤) ينظر: "تفسير الثعلبي" ١/ ١٣٣٤، ولم أجده في "معاني القرآن" للأخفش.
(٥) "معاني القرآن" للزجاج ١/ ٢٤٢.
(٦) "تأويل مشكل القرآن" ص ١٩٩، "تفسير غريب القرآن" ص ٦٥.
(٧) ينظر: "معاني القرآن" للفراء بمعناه، وقال بعد ذكر القولين: وكلٌّ صواب.
(٨) ينظر: "تفسير الطبري" ٢/ ٨١، "البحر المحيط" ١/ ٤٨٢، وهذا اختيار الطبري.


الصفحة التالية
Icon