أحدهما: أن تكون حرفًا واحدًا، وما بعده من الأفعال يكون عاملًا في الأسماء على حسب عمله، فتقول: إنما دخلت دارَك، وإنما أعجبتني دارُك، وإنما مالي مالُك.
والوجه الآخر: أن تكون حرفين: ما منفصلة عن إنّ، وتكون بمعنى الذي (١)، وإذا (٢) كان كذلك وصلتها بما توصل به (الذي)، ثم ترفع الاسم الذي يأتي بعد الصلة، كقولك: إنّ ما أخذت مالُك، وإنّ ما ركبتُ دابتُك، وفي التنزيل كثيرًا ما أتى على الوجهين:
كقوله (٣): ﴿إِنَّمَا اللَّهُ إِلَهٌ وَاحِدٌ﴾ [النساء: ١٧١]، ﴿إِنَّمَا أَنْتَ مُنْذِرُ﴾ [هود: ١٢]، فهذه حرفٌ واحد؛ لأن (الذي) لا يصلح في موضع (ما). وأما التي (٤) في مذهب (الذي) فقوله: ﴿إِنَّمَا صَنَعُوا كَيْدُ سَاحِرٍ﴾ [طه: ٦٩]، ولو نصب كيدَ ساحر على أن تجعل (إنما) حرفًا واحدًا كان صوابًا، وقوله تعالى: ﴿وَقَالَ إِنَّمَا اتَّخَذْتُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ أَوْثَانًا مَوَدَّةَ بَيْنِكُمْ﴾ [العنكبوت: ٢٥]، تنصب المودة وترفع، على ما ذكرنا من الوجهين، هذا كله قول الفراء (٥).
وقال الزجاج: ﴿إِنَّمَا﴾ إذا جعلته كلمةً واحدةً كان إثباتًا لما يذكر بعده ونفيًا لما سواه، فقوله تعالى: ﴿إِنَّمَا حَرَّمَ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةَ﴾ معناه: ما
(٢) في (م): (وإن).
(٣) في (م): (زيادة إنما الله إله).
(٤) في (م): (الذي).
(٥) "معاني القرآن" للفراء، وينظر: "إعراب القرآن" للنحاس ١/ ٢٢٩.