وكفروا ببعض (١). وإن قلنا: الكتاب هو القرآن، فقال ابن عباس: يريد اختلفوا فيما أنزلت عليك (٢). وذكرنا حقيقة معنى الاختلاف عند قوله: ﴿وَاخْتِلَافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَار﴾ [البقرة: ١٦٤] (٣).
وقوله تعالى: ﴿لَفِي شِقَاقٍ بَعِيدٍ﴾ ذكرنا معنى (شقاق) عند قوله: ﴿فَإِنْ آمَنُوا بِمِثْلِ مَا آمَنْتُمْ بِهِ فَقَدِ اهْتَدَوْا وَإِنْ تَوَلَّوْا فَإِنَّمَا هُمْ فِي شِقَاقٍ فَسَيَكْفِيكَهُمُ اللَّهُ وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ﴾ [البقرة: ١٣٧].
ومعنى ﴿لَفِي شِقَاقٍ بَعِيدٍ﴾: لفي خلاف طويلٍ (٤)، ويقال: معناه: بعيدٍ عن الألفة بالاجتماع على الصواب (٥).
١٧٧ - قوله تعالى: ﴿لَيْسَ الْبِرَّ﴾ قرئ (البرُّ) رفعًا ونصبًا (٦)، وكلتا القراءتين حَسَن؛ لأن اسم ليس وخبرها، اجتمعا في التعريف، فتكافآ في كون أحدهما اسمًا، والآخر خبرًا، كما يتكافأ النكرتان. وحجة من رفع (البر): أن اسم ﴿لَيْسَ﴾ مشبهة بالفاعل وخبرها بالمفعول، والفاعل أن يلي الفعل أولى من المفعول، كما تقول: قام زيد، فيلي الاسم الفعل، وإذا

(١) ينظر: "تفسير الطبري" ٢/ ٩٣، "معاني القرآن" للزجاج ١/ ٢٤٦، "تفسير الثعلبي" ١/ ١٢٤٨، "زاد المسير" ١/ ١٧٧.
(٢) ينظر: "زاد المسير" ١/ ١٧٧، "البحر المحيط" ١/ ٤٩٥.
(٣) ينظر: ٣/ ٤٣١ - ٤٣٢.
(٤) ينظر: "تفسير الثعلبي"، "زاد المسير" ١/ ١٧٧، "المحرر الوجيز" ٢/ ٧٨، "البحر المحيط" ١/ ٤٩٦.
(٥) ينظر: "تفسير الطبري" ٢/ ٩٣، "معاني القرآن" للزجاج ١/ ٢٤٦، وابن أبي حاتم في "تفسيره" ١/ ٢٨٧، "زاد المسير" ١/ ١٧٧، "البحر المحيط" ١/ ٤٩٦.
(٦) قرأ حمزة وحفص: بالنصب، وقرأ الباقون: بالرفع. ينظر: "النشر" ٢/ ٢٢٦.


الصفحة التالية
Icon