﴿فَضَربَ الرِّقَابِ﴾ [محمد: ٤] (١). والمعروف: كل ما يتعارفه الناس ولا ينكرونه، ثم صار اسمًا للإحسان والجود والأخلاق الجميلة، لأنها مما لا ينكر، وأراد بالمعروف هاهنا: ترك التشديد (٢) على القاتل في طلب الدية، ومعناه: فعلى (٣) وليِّ المقتول الاتباع (٤) بالمعروف في المطالبة بالدية (٥)، وهو معنى قول ابن عباس: يطلبُ هذا بإحسان، ويؤدي هذا بإحسانٍ (٦).
وقال بعضهم: قوله: ﴿فَاتِّبَاعٌ بِالْمَعْرُوفِ وَأَدَاءٌ﴾ خبر مبتدأ محذوف، والمعنى: فالأمر اتباعٌ بالمعروف، أو فالحكم فيه اتباع بالمعروف (٧).
وقوله تعالى: ﴿وَأَدَاءٌ﴾ الأداء: اسم، من قولك: أدَّيْتُ إليه المال، وقد ينوب عن المصدر فيقال: أدّيت أداءً، كما يقال: سَلَّمْتُ

(١) من "معاني القرآن" للفراء ١/ ١٠٩ - ١١٠ بتصرف كبير، وينظر: "تفسير الطبري" ٢/ ١١٠، "معاني القرآن" للزجاج ١/ ٢٤٨ - ٢٤٩.
(٢) في (أ)، (م): (التشدد).
(٣) بياض في (م).
(٤) في (ش): (اتباع).
(٥) ينظر: "تفسير الطبري" ٢/ ١٠٩، "المحرر الوجيز" ٢/ ٨٩.
(٦) رواه عنه الطبري في "تفسيره" ٢/ ١٠٩.
(٧) وهذا اختيار الطبري في "تفسيره" ٢/ ١١٠، وينظر: "التفسير الكبير" ٥/ ٤٥، "المحرر الوجيز" ٢/ ٨٩، وقال: فاتباع رفع على خبر ابتداء مضمر، تقديره: فالواجب والحكم اتباع، وهذا سبيل الواجبات، كقوله تعالى: ﴿فَإِمْسَاكٌ بِمَعْرُوفٍ﴾، وأما المندوب إليه فيأتي منصوبًا، كقوله تعالى: ﴿فَضَربَ الرِقَابِ﴾ [محمد: ٤]، قال في "البحر المحيط" ٢/ ١٤: ولا أدري هذه التفرقة بين الواجب والمندوب إلا ما ذكروا من أن الجملة الابتدائية أثبت وآكد من الجملة الفعلية في مثل قوله: ﴿قَالُوا سَلَامًا قَالَ سَلَامٌ﴾ [هود: ٦٩].


الصفحة التالية
Icon