﴿كُتِبَ﴾، لأنه أراد بالوصية الإيصاء، أو للفصل بين الفعل والوصية؛ لأن الكلام لما طال كان الفاصل بين المؤنث والفعل كالعوض من تاء التأنيث، والعرب تقول: حَضَرَ القاضي امرأةٌ، فَيُذَكِّرون؛ لأن القاضي فَصَل بين الفعل وبين المرأة. وقد أحكمنا هذا فيما سبق (١). ورفع ﴿الْوَصِيَّةُ﴾ من وجهين:
أحدُهما: على ما لم يسم فاعله، والثاني: على الابتداء، ويكون ﴿لِلْوَالِدَيْنِ﴾ الخبر، وتكون الجملة في موضع رفعٍ بـ ﴿كُتِبَ﴾، كما تقول: قيل: عبدُ الله قائم، فترفع عبدَ الله بقائم، وقائمًا بعبد الله، وتكون الجملة في موضع رفعٍ بـ (قيل) (٢).
وقوله تعالى: ﴿إِنْ تَرَكَ خَيْرًا﴾ الخيرُ: اسم جامعٌ للمالِ وغيرِهِ، والخيرُ يراد به المالُ في كثيرٍ من القرآنِ، كقوله: ﴿وَمَا تُنْفِقُوا مِنْ خَيْرٍ﴾ [البقرة: ٢٧٢] ﴿وَإِنَّهُ لِحُبِّ الْخَيْرِ لَشَدِيدٌ﴾ [العاديات: ٨]، ﴿مِنْ خَيْرٍ فَقِيرٌ﴾ [القصص: ٢٤] (٣).
وقوله تعالى: ﴿بِالْمَعْرُوفِ﴾ أي: بالشيء الذي يعلم ذوو التمييز أنه لا حيف فيه، فهو العدل الذي لا ينكر، يعني: لا يزيد على الثلث (٤).
(٢) من "معاني القرآن" للزجاج ١/ ٢٥٠، وينظر: "معاني القرآن" للفراء ١/ ١١٠، "تفسير الثعلبي" ٢/ ١٩٣، "التفسير الكبير" ١/ ٦٠، "البحر المحيط" ١/ ١٩.
(٣) ينظر في معاني الخير: "المفردات" ص ١٦٧ - ١٦٨، "البحر المحيط" ١/ ١٧.
(٤) من "معاني القرآن" للزجاج ١/ ٢٥٠، وينظر: "تفسير الطبري" ٢/ ١١٥، "تفسير الثعلبي" ٢/ ١٩٤، "المحرر الوجيز" ٢/ ٩٧.