بين الورثة والمُوصَى لهم، قال الكسائي: لأنّ أصلح لا يكون على واحد، لا تقول: أصلحت بينَه، ولكن بينهما، أو بينهم.
وقوله تعالى: ﴿فَلَا إِثْمَ عَلَيْهِ﴾ إنما قال للمتوسط للإصلاح: ليس عليه إثم، ولم يقل فله الأجر؛ لأنه ذكر إثم التبديل، ونفى الإثم عن المصلح، ليبين أنه ليس بمبدل (١).
١٨٣ - قوله تعالى: ﴿كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ﴾ الآية، الصيام: مصدر صام كالقيام، وأصله في اللغة: الإمساكُ عن الشيء والتركُ له، ومنه: قيل للصمت: صوم، لأنه إمساك عن الكلام، قال الله تعالى: ﴿إِنِّي نَذَرْتُ لِلرَّحْمَنِ صَوْمًا﴾ [مريم: ٢٦]، وصام النهار: إذا اعتدل وقام قائم الظهيرة، قال امرؤ القيس:

فَدَعْها وسَلِّ الهَمَّ عنكَ بجَسْرةٍ ذَمُولٍ إذا صامَ النهارُ وهَجَّرا (٢)
وقال آخر:
حتى إذا صَام النهارُ واعتدَلْ (٣)
(١) "التفسير الكبير" ٥/ ٦٧، وذكر أربعة أوجه.
(٢) البيت لامرئ القيس في "ديوانه" ٦٣، "الكامل" للمبرد ٣/ ٨٩، "أساس البلاغة" (مادة: كنز). "لسان العرب" ٤/ ٢٥٣٠ (صوم) والجسرة: الناقة النشيطة، والذمول: هو "السير" السريع، وهجرا: من الهاجرة، وهي شدة الحر. ينظر: "الديوان" ص ٦٣.
(٣) ورد هذا الرجز بلا نسبة في "تفسير الثعلبي" ٢/ ٢٢٦، بعده عنده:
وسال للشمس لعابٌ فنزل
وكذا في "تهذيب اللغة" ٢/ ١٥٨١، وفي "لسان العرب" ٣/ ١٥٢٤، ٣/ ١٩٠١ (ذوب، زيق)، بالرواية التالية:
وقام ميزان النهار فاعتدل


الصفحة التالية
Icon