وقال وهب: مخافة الافتضاح (١). وذكرنا ما في (كاد) عند قوله ﴿يَكَادُ الْبَرْقُ﴾ [البقرة: ٢٠].
قال عكرمة: لو أنهم عمدوا (٢) إلى أدنى بقرة فذبحوها لكفتهم ولكنهم شدّدوا فشُدِّد عليهم (٣)، وقيل: إن أول من راجع موسى في ذبح البقرة هو القاتل مخافة أن ينكشف ويفتضح.
٧٢ - قوله تعالى: ﴿وَإِذْ قَتَلْتُمْ نَفْسًا﴾ الآية. كان الاختلاف في القاتل قبل ذبح البقرة، وإنما تأخر في الكلام؛ لأن الله عز وجل لما قال: ﴿وَإِذْ قَالَ مُوسَى لِقَوْمِهِ إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تَذْبَحُوا بَقَرَةً﴾ [البقرة: ٦٧]، علم المخاطبون أن البقرة لم تذبح إلا للدلالة على قاتل خفيت عينه عليهم، فلما استقرّ علم هذا في نفوسهم أتبعه بقوله: ﴿وَإِذْ قَتَلْتُمْ نَفْسًا﴾ على جهة التوكيد، لا أنه عرّفهم (٤) الاختلاف في القاتل بعد أن دلهم على ذبح البقرة (٥)، وقيل: إنه

(١) ذكره الطبري في "تفسيره" ١/ ٣٥٥ - ٣٥٦، و"ابن كثير"، وقال: (ذكره ابن جرير، ولم يسنده عن أحد). "تفسير ابن كثير" ١/ ١١٩الصحيح: أن ابن جرير الطبري ذكره بسنده عن وهب.
(٢) في (ب): (عهدوا).
(٣) ذكره الطبري عنه، وعن عدة من السلف ٢/ ٢٠٤، وانظر: "تفسير ابن كثير" ١/ ١١٩، "الدر المنثور" ١/ ١٥٢.
(٤) في (ب): (عن فهم).
(٥) وعلى هذا القول يكون قوله: ﴿إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تَذْبَحُوا بَقَرَةً﴾ مقدماً في التلاوة، وقوله. ﴿وَإِذْ قَتَلْتُمْ نَفْسًا﴾ مقدّماً في المعنى على جميع ما ذكر من شأن البقرة، ذكر ذلك القرطبي، وقد ذكر في الآية ثلاثة أوجه، هذا أحدها.
والوجه الثاني: أن يكون قوله: ﴿وَإِذْ قَتَلْتُمْ﴾ في النزول مقدمًا، والأمر بالذبح مؤخرًا.
والثالث: يكون ترتيب نزولها حسب تلاوتها، فكأن الله أمرهم بذبح البقرة حتى =


الصفحة التالية
Icon