وتأويله: أنزل القرآن بيانًا للناس (١).
والبيِّنَات: جَمْعُ بينة، يقال: بانَ الشيءُ يبين بيانًا فهو بين، مثل: بيِّع بمعنى بايع. والبيِّنات: الواضحات (٢).
وقوله تعالى: ﴿مِنَ الْهُدَى﴾ يريد: من الحلال والحرام والحدود والأحكام.
وذكرنا معنى الفرقان في قوله: ﴿وَإِذْ آتَيْنَا مُوسَى الْكِتَابَ وَالْفُرْقَانَ﴾ [البقرة: ٥٣]، قال عطاء عن ابن عباس في قوله: ﴿وَبَيِّنَاتٍ مِنَ الْهُدَى﴾: يريد: من الرشاد إلى مرضاة الله، ﴿وَالْفُرْقَانِ﴾ يريد: فرّق فيه بين الحق والباطل، وبيّن لكم ما تأتون وما تَذَرُونُ.
وقوله تعالى: ﴿فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ﴾ زعم الأخفش والمازني: أن الفاء ههنا زائدة، وذلك أن الفاء تدخل للعطف أو للجزاء أو زيادة، وليس للعطف ولا للجزاء ههنا مذهب (٣)، ومن زيادة الفاء: قوله: ﴿قُلْ إِنَّ الْمَوْتَ الَّذِي تَفِرُّونَ مِنْهُ فَإِنَّهُ مُلَاقِيكُمْ﴾ [الجمعة: ٨] وقول الشاعر:

لا تجزعي إِنْ مُنْفِسًا أهلكته وإذا هلكت فعند ذلك فاجزعي (٤)
ألا ترى أن إحدى الفاءين لا تكون إلا زائدة؛ لأن (إذا) إنما تقتضى جوابًا واحدًا.
(١) ينظر: "البحر المحيط" ٢/ ٤٠.
(٢) ينظر: "تفسير البغوي" ١/ ١٩٩.
(٣) نقله عنه في "التفسير الكبير" ٥/ ٨٧ - ٨٨، والعكبري في "التبيان" ص ١١٧، ١١٨.
(٤) البيت للنمر بن تولب في "ديوانه" ص ٧٢، وانظر: "لسان العرب" ٨/ ٤٥٠٣ (نفس).


الصفحة التالية
Icon