الْمُوقِنِينَ} [الأنعام: ٧٥]، أي وليكون من الموقنين أريناه ذلك، وروي عن ابن عباس أيضا ما يدل على أن المراد بإكمال العدة إكمالها في الأداء لا في القضاء، وهو أنه قال في قوله ﴿وَلِتُكْمِلُوا الْعِدَّةَ﴾ يعني: عدة أيام الشهر (١). وتقدير الآية على هذا التفسير: يريد الله بكم اليُسر ولا يريد بكم العُسْر، ويريد لتكملوا العدة. والمفسرون على أن المراد به إكمالُ العِدّة في القضاء (٢).
وفي قوله: ﴿وَلِتُكْمِلُوا﴾، قراءتان: التخفيف والتشديد (٣)، فمن خَفَّفَ فلقوله: ﴿الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ﴾ (٤) [المائدة: ٣]، وقد قال امرؤ القيس:

طوالُ المتون والعرانين والقنا لِطافُ الخُصور في تمام وإكمال (٥)
ومن شدَّدَ فلأن فَعَّل وأفعل يتعاقبان في أكثر الأحوال، كما ذكرنا في وصَّى وأوصى (٦).
وقال النابغة:
(١) "معاني القرآن" للفراء ١/ ١١٣ - ١١٤، وينظر: "التفسير الكبير" ٥/ ٩٢، واختار هذا الطبري في "تفسيره" ٢/ ١٥٧.
(٢) هذا من رواية عطاء وقد تقدم الحديث عنها، ونسبه الثعلبي ٢/ ٣٢٩، البغوي ١/ ٢٠١ لعطاء.
(٣) ينظر: "تفسير الطبري" ٢/ ١٥٧، وابن أبي حاتم ١/ ٣١٣، والبغوي ١/ ٢٠١، "المحرر الوجيز" ٢/ ١١٤، ١١٥، "تفسير ابن كثير" ١/ ٢٣٢.
(٤) قرأ يعقوب وأبو بكر بن عياش عن عاصم بتشديد الميم، والباقون بالتخفيف. ينظر: "النشر" ٢/ ٢٢٦، "الحجة" ٢/ ٢٧٤.
(٥) البيت لامرئ القيس في "ديوانه" ص ١٣٩.
(٦) ينظر: "الحجة" لأبي علي ٢/ ٢٧٤ - ٢٧٥.


الصفحة التالية
Icon