المستقي الماء بالدلو (١).
ومعنى قوله: ﴿وَتُدْلُوا بِهَا إِلَى الْحُكَّامِ﴾ أي: تلقون أمورَ تلك الأموال بينكم وبين أربابها إلى الحكام.
قال ابن عباس: نزلت في الرجل يكون عليه مال، وليس عليه فيه بينة، فيجحد المال، ويخاصم فيه إلى الحكام، وهو يعرف أن الحقَّ عليه، ولعلم أنه آثمٌ آكلُ حرامٍ (٢).
وقال الحسن: هو أن يكون على الرجل لصاحبه حَقٌّ، فإذا طالبه به دعاه إلى الحاكم فيحلف له، ولذهب بحقه (٣). وعلى هذا المعنى تفسير لفظ الآية ما ذكره الزجاج، وهو أنه قال: معنى أدلى فلان بحجته: إذا أرسلها، وأتى بها على صحة. قال: فمعنى قوله: ﴿وَتُدْلُوا بِهَا إِلَى الْحُكَّامِ﴾ أي: تعملون على ما يوجبه ظاهر الحكم والإدلاء بالحجة، وتتركون ما قد علمتم (٤)، وقد قال - ﷺ -: "إنما أنا بشر، ولعل بعضَكُم أن يكون أَلْحَنَ بِحُجَّتِه من بعض" الحديث (٥).

(١) ينظر: "تفسير الطبري" ٢/ ١٨٤، "معاني القرآن" للزجاج ١/ ٢٥٨، "تهذيب اللغة" ٢/ ١٢١٤ (دلو)، "تفسير الثعلبي" ٢/ ٣٨٤، "المفردات" ص ١٧٨، "التفسير الكبير" ٥/ ١١٨.
(٢) رواه الطبري في "تفسيره" عنه ٢/ ١٨٣، وابن أبي حاتم ١/ ٣٢١، وعزاه السيوطي في "الدر" ١/ ٣٦٦ إلى ابن المنذر.
(٣) ذكره الثعلبي في "تفسيره" ٢/ ٣٨٧، وذكر ابن أبي حاتم ١/ ٣٢١، عن الحسن أنه قال: لا تخاصم وأنت تعلم أنك ظالم.
(٤) من "معاني القرآن" للزجاج ١/ ٢٥٨.
(٥) أخرجه البخاري (٧١٦٩) كتاب الشهادات، باب: موعظة الإمام للخصوم، ومسلم (١٧١٣) كتاب الأفضية، باب: الحكم بالظاهر واللحن بالحجة.


الصفحة التالية
Icon