ليس لها ثواب ولا عليها عقاب، وهي تخاف الله تعالى (١)، وقد مر عيسى ابن مريم عليه السلام بجبل فسمع منه أنيناً فقال: يا رب ائذن لهذا (٢) الذي يئنّ حتى يكلّمني، فأذِن اللهُ للجبل فقال: إني سمعت الله يقول: ﴿نَارًا وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ﴾ [التحريم: ٦] فخفتُ أن أكون من تلك الحجارة (٣).
وقوله تعالى: ﴿وَإِنَّ مِنَ الْحِجَارَةِ لَمَا يَتَفَجَّرُ مِنْهُ الْأَنْهَارُ﴾ (٤) الكناية عائدة على (ما)، و (ما) من المبهمات يجوز تذكيره وتأنيثه، تقول العرب: من النعال ما يعجبني بالياء والتاء حملاً على التأويل (٥). وقيل: إن (من) واقعة على بعض الحجارة، وبعض مذكر، والعرب تقول: بعض النساء قام، وبعضهن قمن، فمن ذكر فللفظ (بعض) ومن أنث فلتأويله (٦). والأنهار جمع نهْر ونَهَر، وأصله من السعة، يقال: أنهرت الفتق، أي: وسعته (٧)، ومنه قوله (٨):
(٢) في (ب): (لهذا الجبل).
(٣) ذكره السيوطي في "الدر" وعزاه إلى ابن المنذر عن عبد العزيز بن أبي رواد، "الدر" ٦/ ٣٧٥.
(٤) في (ج): (وإن من الحجارة لما يشقق فيخرج منه الماء).
(٥) انظر: "تفسير الطبري" ١/ ٣٦٣ - ٣٦٤، "إعراب القرآن" للنحاس ١٨٨، "تفسير ابن عطية" ١/ ٣٥٦، "تفسير القرطبي" ١/ ٣٩٤، "البحر المحيط" ١/ ٢٦٥.
(٦) ذكره الفراء في "معاني القرآن" ١/ ٤٩.
(٧) انظر: "تهذيب اللغة" (نهر) ٤/ ٣٦٧٤، "الصحاح" (نهر) ٢/ ٨٤٠.
(٨) البيت لقيس بن الخطيم.