قال المفسرون: هذا في اليهود، عَمَدوا إلى صفة محمد - ﷺ - فكتبوا صفته على غير ما كانت في التوراة، وأخذوا عليه الأموال، وقبلوا الهدايا (١). وهو معنى قوله: ﴿وَوَيْلٌ لَهُمْ مِمَّا يَكْسِبُونَ﴾ يقال: كسبت الشيء كسبًا، وكَسَبْتُ الرجلَ مالًا فَكَسَبه وهذا أحد ما جاء على فَعَلْتُه فَفَعَل، ومعنى الكسب: فعل يُجتلَب به نفع، أو يُستدفَع به ضرر، واكتسب الخطيئة إنما ذلك لأنه يَجتلب به تعجّلَ المنفعة وينسَى ما عليه فيه من تأجّل المضرّة.
٨٠ - وقوله تعالى: ﴿وَقَالُوا لَنْ تَمَسَّنَا النَّارُ إِلَّا أَيَّامًا مَعْدُودَةً﴾ يعني: اليهود لما أوعدهم رسول الله - ﷺ - بالنار عند تكذيبهم إياه، قالوا: لن تمسَّنا النار إلّا أيامًا معدودة (٢): أي: قليلة، والمعدودة إذا أطلقت كان معناها القليلة، كقوله: ﴿دَرَاهِمَ مَعْدُودَةٍ﴾ [يوسف: ٢٠] قيل معناه: معدودة عندنا. قال ابن عبّاس: قالت اليهود: مدّة الدنيا سبعة آلاف سنة، وإنما نعذَّب بكل ألف سنة يومًا واحدًا (٣).
وقال قتادة (٤) وعطاء (٥): يعنون الأيام التي عبد آباؤهم فيها العجل،
(٢) انظر: "تفسير الطبري" ١/ ٣٨٠ - ٣٨١، "تفسير الثعلبي" ١/ ١٠٠٦.
(٣) أخرجه عنه الطبري ٢/ ٢٧٨، وابن أبي حاتم ١/ ١٥٥، وسنده حسن كما في "التفسير الصحيح" ١/ ١٨٤ والطبراني في "الكبير" ١١/ ٩٦، وهو مروي عن مجاهد أيضًا كما عند الطبري ١/ ٣٨٢.
(٤) أخرجه عنه عبد الرزاق في "تفسيره" بسند صحيح ١/ ٥١ ومن طريقه رواه الطبري في تفسيره ١/ ٣٨١، وابن أبي حاتم في "تفسيره" ١/ ١٥٥، وذكره الثعلبي في "تفسيره" ١/ ١٠٠٧، ينظر: "التفسير الصحيح" ١/ ١٨٤.
(٥) ذكره عنه الثعلبي في "تفسيره" ٢/ ١٠٠٧، والبغوي في "تفسيره" ١/ ١١٦.